كتب : دينا كمال
واشنطن تضغط على عمالقة التكنولوجيا بسبب استهلاك مراكز البيانات للكهرباء
فتحت الحكومة الأميركية مواجهة جديدة مع كبرى شركات التكنولوجيا، بعد مطالبة ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين شركات عاملة في مجالي الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي بتوضيح أسباب الارتفاع المتواصل في فواتير الكهرباء بالمناطق التي تستضيف مراكز بيانات ضخمة.
ووجّه كل من إليزابيث وارن وكريس فان هولن وريتشارد بلومنتال رسائل رسمية إلى شركات تقنية كبرى، معتبرين أن التعهدات العلنية بتحمل تكاليف الطاقة الخاصة بمراكز البيانات لا تنعكس عملياً، في حين يتحمل المستهلكون العبء الأكبر من خلال ارتفاع أسعار الكهرباء.
تصريحات بلا أثر
أشار أعضاء مجلس الشيوخ في رسائلهم إلى أن شركات التكنولوجيا قدمت التزامات لفظية فقط بشأن تحمل تكاليف الطاقة، بينما تُظهر الممارسات الفعلية عكس ذلك، إذ غالباً ما تنقل شركات المرافق تكاليف توسيع الشبكات الكهربائية إلى المشتركين عبر رفع التعرفة.
وأضاف المشرعون أن التوسع المطلوب في البنية التحتية لشبكات الكهرباء، نتيجة انتشار مراكز البيانات العملاقة، لا تتحمله الشركات التقنية بشكل مباشر، بل يتم توزيعه على الأفراد والشركات الصغيرة.
وتزامن إرسال الرسائل مع إعلان إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى عن دراسة خلصت إلى أن مراكز البيانات تحقق إيرادات كافية لشركات الكهرباء لتغطية تكاليف تشغيلها، وقد تحقق فائضاً يعود بالنفع على بقية المشتركين في بعض الحالات.
غير أن المشرعين لفتوا إلى أن هذه الدراسة تعتمد بدرجة كبيرة على نماذج وتوقعات مستقبلية، ولا تستند إلى بيانات تاريخية موثقة لفواتير الكهرباء، ما يثير تساؤلات حول دقتها مقارنة بالواقع الذي يواجهه المستهلكون.
استهلاك مرتفع وضغط متزايد
أكد التقرير أن مراكز البيانات الحديثة تستهلك كميات هائلة من الكهرباء، لا سيما تلك التي تشغّل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إذ تحتاج أحياناً إلى مئات الميغاواط، وتقترب بعض المنشآت من مستوى استهلاك الغيغاواط.
وأوضح المشرعون أن العديد من شبكات الكهرباء الإقليمية لم تُصمم للتعامل مع هذا الحجم من الطلب المستمر، ما يضطر شركات المرافق إلى استثمارات ضخمة في محطات التوليد وخطوط النقل والتحديثات المحلية للحفاظ على استقرار الخدمة.
من يتحمل التكلفة؟
بحسب أعضاء مجلس الشيوخ، تلجأ شركات الكهرباء في العادة إلى استرداد تكاليف التوسعة عبر رفع الأسعار على جميع المشتركين، ما يعني أن الأسر والشركات الصغيرة تتحمل جزءاً من تكلفة مشاريع الحوسبة واسعة النطاق.
وأشاروا إلى أبحاث تتوقع ارتفاع متوسط أسعار الكهرباء في الولايات المتحدة بنحو 8% بحلول عام 2030، مع زيادات أكبر في الولايات التي تتركز فيها مراكز البيانات، وعلى رأسها ولاية فيرجينيا.
عقود غير شفافة
لفت المشرعون إلى أن العقود الخاصة المبرمة بين شركات التكنولوجيا وشركات المرافق غالباً ما تكون سرية، ما يحدّ من قدرة الجهات التنظيمية والجمهور على معرفة كيفية توزيع التكاليف فعلياً.
وأضافوا أن بعض شركات التقنية تعتمد أساليب تفاوض صارمة للحصول على أسعار تفضيلية، ملوّحة بنقل استثماراتها إلى ولايات أخرى، وهو ما يزيد من صعوبة تقييم مدى تحملها لنصيبها العادل من التكاليف.
تساؤلات مفتوحة
رغم تأكيد شركات تقنية كبرى أن مراكز بياناتها تعود بالنفع على المشتركين، تشير سجلات تنظيمية وشهادات محلية إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار الكهرباء بالجملة في مناطق تشهد كثافة عالية لمراكز البيانات.
ومع استمرار التوسع السريع للبنية التحتية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، تبقى الأسئلة قائمة حول ما إذا كانت شركات التكنولوجيا تتحمل التكلفة الحقيقية لطموحاتها الرقمية، أم أن المستهلك هو من يدفع الثمن في نهاية المطاف.


