كتب : دينا كمال
متلازمة الرجل الشجرة.. مرض نادر يشوه الجلد بشكل قاسٍ
رغم أن الإصابات بهذا الاضطراب لا تتجاوز نحو 200 شخص حول العالم، فإن مرض خلل تنسج البشرة الثؤلولي، المعروف باسم “متلازمة الرجل الشجرة”، ما يزال يثير قلق الأطباء والجمهور لغياب علاج نهائي له حتى الآن، وللتشوهات الجلدية الغريبة التي يسببها والتي تشبه لحاء الأشجار.
ويعاني المصابون من نمو جلدي كثيف يشبه الثآليل، نتيجة خلل وراثي في جهاز المناعة يمنع الجسم من مقاومة فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، وهو الفيروس المسبب للثآليل العادية والتناسلية. وبسبب هذا الضعف المناعي، تنتشر على اليدين والقدمين وأجزاء أخرى من الجسد كتل بنية متصلبة تشبه الأغصان أو اللحاء.
وعلى الرغم من إمكانية إزالة هذه النموات جراحيًا، إلا أنها غالبًا ما تعود سريعًا، ويصف الأطباء الحالة بأنها مؤلمة على المستويين البصري والجسدي، حيث لا يقتصر أثرها على المظهر الخارجي فقط، بل تسبب آلامًا شديدة وتعيق حركة المرضى وقدرتهم على استخدام أيديهم.
وأوضح الدكتور أنتوني يون، جراح التجميل من ميشيجان، أن هذه الحالة نادرة للغاية وتنتقل عادة بالوراثة من كلا الوالدين، مؤكدًا أن ضعف المناعة لا يجعل المرضى عرضة لهذه التشوهات وحدها، بل يزيد أيضًا من احتمالات الإصابة بأمراض خطيرة أخرى، كما أن بعض الأورام الجلدية قد تتحول إلى سرطانية إذا لم تُعالج طبيًا.
ومن بين أبرز الحالات التي أثارت الرأي العام قصة أبو باجندر، الرجل البنجلاديشي الذي خضع منذ عام 2016 لأكثر من 25 عملية جراحية لإزالة النموات التي غطت يديه وقدميه بالكامل، ورغم نجاح بعض العمليات مؤقتًا، إلا أن حالته تدهورت لاحقًا حتى طلب بتر يديه للتخلص من الألم.
وأشار في تصريحات إعلامية: “لم أعد أستطيع النوم بسبب الألم، حتى إن بتروا يدي سأكون على الأقل حرًا من هذا العذاب”، وفي يناير الماضي أُدخل إلى المستشفى مجددًا بعد أن ظهرت نموات جديدة بلغ طول بعضها عدة بوصات.
كما وثّقت بنجلاديش حالة طفلة تدعى موكتاموني، غطت التشوهات الجزء العلوي من جسدها، مسببة آلامًا شديدة وجعلت يدها اليمنى مشلولة بالكامل. ويقدّر الأطباء أن عدد المصابين عالميًا يتراوح بين 12 إلى 200 شخص فقط، ما يعكس ندرة هذه المتلازمة، لكن قلة الأعداد لم تمنعها من إثارة جدل عالمي بسبب مظهرها الغريب.
ولا تقل المعاناة النفسية قسوة عن الجسدية، إذ يواجه المرضى عزلة اجتماعية وشعورًا بالوصمة، ما يدفع الكثيرين إلى الانسحاب من حياتهم الطبيعية وتجنب الاختلاط بالآخرين. ويؤكد الأطباء أن الدعم النفسي والاجتماعي يمثل عنصرًا أساسيًا في التخفيف من معاناتهم بجانب التدخلات الطبية.
وبينما لا يزال المرض بلا علاج نهائي، فإن الأبحاث الطبية جارية لإيجاد طرق أكثر فعالية للتعامل معه، سواء عبر العلاج المناعي أو التدخلات الجينية المستقبلية. وحتى الآن، تظل الجراحة الوسيلة الرئيسية لتخفيف الأعراض، مع استمرار احتمال عودة النموات.
وتكشف هذه القصص حجم الألم الذي يعيشه المصابون، وتؤكد في الوقت ذاته أهمية الاستثمار في أبحاث الأمراض الجلدية النادرة، على أمل أن يأتي اليوم الذي يجد فيه مرضى “الرجل الشجرة” علاجًا يضع حدًا لمعاناتهم.


