كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
الضفة الغربية – العرب نيوز:
خرجت صباح اليوم موجة من المسيرات والتجمعات قرب محيط سجن عوفر، حيث شهد المكان مشهدًا استثنائيًا اتسم بالعنف اللفظي والتهديدات المنظمة، بحسب شهود عيان ومصادر محلية. المتظاهرون الذين تظاهروا قبالة البوابات الخارجية أطلقوا شعارات حملت رسالة واضحة ومباشرة، وزعوا منشورات ورقية على المارة والمقيمين في القرى المحيطة بلغت فيها نبرة التهديد والتحذير من تبعات محددة لأي نشاط يُعتبر معادياً للمتظاهرين أو مؤيداً للفصائل المسلحة.
مصادر محلية أفادت بأن التوتر ترافق مع انتشار عناصر أمنية على مداخل المنطقة، في حين قام بعض المتظاهرين بمحاولات لإلقاء المنشورات داخل أروقة ساحة السجن وفي مناطق التجمعات العائلية المحيطة، ما أثار هلعًا بين السكان واندفاعًا نحو المنازل وإغلاق المحلات التجارية مؤقتًا. وقال أحد السكان، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن «المنشورات لم تكن دعائية فقط، بل جاءت بلغة تحذيرية مباشرة: نراقبكم، ونعرف من يأتي ومن يخرج، ومن يتعاون أو يساند — الرسالة كانت واضحة ومخيفة».
المحتوى المتداول في المنشورات، بحسب عينة اطلعت عليها «العرب نيوز»، تضمن اتهامات وصِيَغًا تحذيرية موجهة إلى شبان ومجموعات محلية، تضمنت تحذيرات من «الرد الحاسم» لكل من يشارك في أعمال تُصنّفها تلك الأطراف «تهديدًا للأمن المحلي» أو «دعمًا للعناصر المعادية». وأسفرت عملية التوزيع عن حالة من الارتباك الأمني والمدني في الحيّز المحيط بالسجن، حيث بدا واضحًا أن الهدف من المنشورات هو خلق جو نفسي يضغط على الأهالي والشبان المحليين.
في المقابل، أدان ناشطون فلسطينيون استهداف المدنيين بهذه الحملات التي تُستخدم فيها أساليب التتبع والتهديد، مؤكدين أن «إلقاء منشورات وتهديد السكان لا يهدف إلا إلى بث الخوف وفرض رقابة موازية على المجتمع المدني». وقالت إحدى الناشطات محلّيا: «نحن أمام محاولة ممنهجة لزرع الخوف وتقييد الحريات اليومية، خاصة في ظل ظروف السجن والعزل التي يعيشها المعتقلون وذووهم». وأضافت أن «التحركات هذه تُفاقم معاناة العائلات التي تأتي لزيارة أقربائها داخل عوفر».
من جهتها، لم تصدر حتى الآن بيانات رسمية واضحة من الجهات الإسرائيلية أو الفلسطينية بشأن هوية منظمي المسيرات أو الجهة التي تقف وراء توزيع المنشورات. ومع ذلك، رصد مراسلو «العرب نيوز» عناصر مدنية متشددة الطابع في خرائط التحركات واللوائح على أرض الواقع، بينما كشف آخرون عن وجود منظمين يرتدون سترات تحمل شعارات محلية، إلى جانب مجموعات شبابية قالت إنها «تتولى تأمين المسيرات».
الجهات الحقوقية حذرت بدورها من تصاعد هذه الظاهرة، معتبرة أنها مؤشر خطير على تحول أساليب الضغط الاجتماعي والسياسي إلى ما يشبه «إرهاب شعبي» موجه ضد فئات معينة من المجتمع، محذرة من الانزلاق إلى مزيد من التصعيد الذي قد ينعكس على الوضع الإنساني للأسر والطفولة في المناطق المحيطة. وطالبت منظمات حقوقية بتحقيق دولي أو توثيق مستقل لما يحدث، وبتدخل سريع لوقف أي ممارسات قد تنتهك القوانين الأساسية لحقوق الإنسان.
على الصعيد الأمني، صرّح مسؤول محلي لوسائل إعلام محلية أن «القوات تتعامل مع التجمهر وتعمل على منع أي اندلاع للعنف الجسدي»، مشدداً على أهمية ضبط النفس وفتح قنوات تواصل مع المجتمع المحلي لاحتواء التوتر. بينما دعا رجال دين وقادة محليون إلى التهدئة ونداء لسحب مثل هذه المنشورات وإنهاء أي خطاب تحريضي يهدد السلم الأهلي.
المشهد أمام عوفر يفتح نقاشًا أوسع حول استخدام أدوات الضغط غير المباشرة — كالمنشورات والعمليات النفسية العامة — كوسائل تأثير سياسي ومجتمعي. وفي الوقت الذي تؤكد فيه أصوات محلية أن الهدف الأساسي من هذه الحملات هو «ردع» أنشطة معينة، ترى جهات أخرى أنها محاولة لفرض مناخ رقابة يحول دون أي حراك شعبي أو تضامن مع المعتقلين وذويهم.
مع استمرار تواتر التحركات والتصريحات، تبقى المنطقة على شفا مزيد من التوتر، فيما يترقب المواطنين والجهات الحقوقية والفاعلون المحليون ما ستؤول إليه الأوضاع خلال الساعات والأيام المقبلة. وتظل الحاجة ملحّة لتحقيق ممرات حماية قانونية وإنسانية تحمي المدنيين من أي شكل من أشكال الترهيب أو التشهير خارج إطار القانون.
عدد المشاهدات: 0


