كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
غزة – العرب نيوز – اليوم
في مشهد مؤثر يعكس صمود الفلسطينيين وإصرارهم على الحياة رغم قسوة الحرب، عاد ما يقرب من نصف مليون نازح فلسطيني إلى مدينة غزة خلال الأيام الأخيرة، بعد أسابيع طويلة من النزوح القسري الذي فرضته العمليات العسكرية الإسرائيلية في مختلف مناطق القطاع.
ووفقًا لمصادر محلية وإغاثية، بدأت حركة العودة تدريجيًا مع تحسن نسبي في الوضع الأمني ببعض أحياء المدينة، لا سيّما في المناطق الشمالية التي شهدت دمارًا واسعًا في البنية التحتية والمنازل. ورغم خطورة الأوضاع الإنسانية، إلا أنّ آلاف العائلات قررت العودة إلى بيوتها المهدّمة أو ما تبقّى منها، مفضّلين مواجهة الواقع الصعب على البقاء في مراكز الإيواء المكتظة أو مناطق النزوح المؤقتة.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنّ موجة العودة الجديدة تُعدّ الأكبر منذ بداية الحرب، إذ تجاوز عدد العائدين إلى مدينة غزة 500 ألف شخص خلال الأسبوع الأخير، رغم التحذيرات المستمرة من تدهور الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والرعاية الصحية.
وقال عدد من النازحين العائدين في تصريحات ميدانية إنّهم فقدوا كل شيء تقريبًا، لكنهم متمسّكون ببيوتهم وأرضهم. أحدهم قال: «قد يكون البيت مدمّرًا، لكن العودة إليه تعني أننا ما زلنا أحياء».
من جانبها، أكدت منظمات الإغاثة الدولية أنّها تعمل على تسهيل عمليات العودة وتأمين المساعدات الغذائية والطبية للعائلات التي عادت إلى مناطقها، إلا أنّها عبّرت عن قلقها من النقص الحاد في الإمدادات وصعوبة الوصول إلى بعض الأحياء بسبب الطرق المدمّرة والأنقاض المنتشرة.
وفي الوقت ذاته، تواصل السلطات الفلسطينية بالتنسيق مع الجهات الإنسانية جهودها لإعادة الخدمات الأساسية تدريجيًا، وإطلاق خطط أولية لإعادة الإعمار بمجرد استقرار الأوضاع.
ويرى مراقبون أنّ هذا المشهد يحمل رمزية كبيرة، إذ يعكس تمسّك سكان غزة بحقّهم في العودة إلى بيوتهم رغم الخسائر الجسيمة التي لحقت بهم، مؤكدين أنّ إرادة الحياة لدى الفلسطينيين أقوى من ركام الحرب وأصعب من الحصار.
تظلّ غزة اليوم نموذجًا حيًا على أن الأمل يمكن أن يولد من تحت الأنقاض، وأن نصف مليون عائد إلى مدينتهم ليسوا مجرد رقم في الإحصاءات، بل شهادة حيّة على قوة الإرادة والصبر والإيمان بالمستقبل.
عدد المشاهدات: 0


