كتب : دينا كمال
دراسة: نشاط دماغ المولود يحدد سلوكه الاجتماعي لاحقًا
كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة ييل الأمريكية أن نشاط دماغ الطفل عند الولادة يؤثر بشكل مباشر على سلوكياته الاجتماعية في المراحل اللاحقة من عمره.
ووفقًا لما نُشر في مجلة Biological Psychiatry Global Open Science، أظهرت النتائج أن الشبكة العصبية في الدماغ المسؤولة عن معالجة المحفزات الاجتماعية – مثل الوجوه والنظرات والكلام – تكون نشطة منذ الولادة أو بعد فترة قصيرة جدًا.
هذا الاكتشاف يفتح المجال لفهم أعمق للعمليات الدماغية التي تقف خلف السلوكيات الاجتماعية لاحقًا. فعلى سبيل المثال، يُعد ضعف الاهتمام بالوجوه من العلامات المبكرة لاضطراب طيف التوحد، ويُرجح الباحثون أن ما يُعرف بمسار الإدراك الاجتماعي يكون وظيفيًا في مرحلة مبكرة من التطور.
وذكرت الدكتورة كاتارزينا تشاوارسكا، أستاذة طب الأطفال النفسي في كلية الطب بجامعة ييل والمؤلفة المشاركة في الدراسة، أن الأطفال حديثي الولادة يظهرون بالفعل تفضيلًا للوجوه والنظرات.
اعتمد الباحثون في تحليلهم على بيانات مشروع تطوير الاتصال البشري، الذي يجمع صور الدماغ والبيانات السريرية والسلوكية والمعلومات الجينية من الأطفال حتى سن عشرة أشهر. ومن خلال صور الرنين المغناطيسي، قيّم الباحثون الاتصال الوظيفي بين مناطق الدماغ التي تشكل مسار الإدراك الاجتماعي، بما في ذلك مناطق الرؤية والثلم الصدغي العلوي المتخصص في معالجة الوجوه والكلام والنظرات.
وأوضح الدكتور داستن شينوست، المدير المساعد لتقنيات التصوير الطبي الحيوي في معهد ييل والباحث الرئيسي للدراسة، أن الاتصال داخل هذه الشبكة كان قويًا بالفعل خلال الأسبوعين الأولين بعد الولادة. وتشير هذه النتيجة إلى أن بعض التفضيلات الاجتماعية المبكرة لدى الرضع قد تعتمد على هذا المسار.
كما أجرى الباحثون تحليلًا مماثلًا على أطفال لديهم أقارب مصابون باضطراب طيف التوحد، ما يزيد من احتمال إصابتهم بصعوبات اجتماعية. وضمن هذه المجموعة ظهر أن المسار العصبي مترابط منذ الولادة أيضًا.
وبمتابعة هؤلاء الأطفال لاحقًا، وجد الباحثون أن من أظهروا ارتباطًا أقوى في مسار الإدراك الاجتماعي بعد الولادة بفترة قصيرة، كانوا أكثر اهتمامًا بالوجوه عند بلوغهم أربعة أشهر. كما ارتبط الاهتمام الأكبر بالوجوه في هذا العمر بانخفاض الصعوبات الاجتماعية عند بلوغهم 18 شهرًا.
وتشير هذه النتائج إلى أن العمليات الدماغية القشرية المسؤولة عن الاهتمام الاجتماعي تلعب دورًا محوريًا بعد الولادة مباشرة، وتُمهّد لتطور مهارات التفاعل الاجتماعي. وتساعد هذه الدراسة في توسيع فهمنا للعمليات الدماغية التي تقود الاهتمام الاجتماعي في التطور الطبيعي، والتي قد تكون أساسية أيضًا في نقاط الضعف الاجتماعية المرتبطة بالتوحد.


