كتب : يسرا عبدالعظيم
توني بلير : تعرف على المرشح المرتقب لحكم غزة
من هو توني بلير وما خلفيته
توني بلير كان رئيس وزراء المملكة المتحدة من 1997 إلى 2007، وهو معروف بدوره في السياسة الدولية بعد تنحيه، وخاصة في الشرق الأوسط. أسس “معهد توني بلير للتغيير العالمي”، وله تجارب كناشط ودبلوماسي في عمليات السلام، كما شغل منصب المبعوث الخاص للرباعية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، وروسيا) لشؤون إسرائيل والفلسطينيين.
ما هي فكرة الإدارة الانتقالية المؤقتة في غزة؟
توجد مقترحات الآن – مدعومة من بعض الأوساط الأمريكية وبعض الدول العربية – لإنشاء ما يُعرف بـ “السلطة الانتقالية الدولية في غزة” (Gaza International Transitional Authority أو GITA). هذا المقترح يتضمن أن تكون تلك السلطة هي السلطة السياسية والقانونية العليا في غزة لفترة مؤقتة — ربما حتى 5 سنوات.
الفكرة تعتمد على تجارب سابقة لإدارات انتقالية دولية مثلما حصل في كوسوفو أو تيمور الشرقية، بهدف إعادة بناء الأجهزة الحكومية، تأمين الأمن، إعادة الإعمار، والفصل بين الإدارة المدنية والأمن، مع إشراف دولي.
في المقترح، يتم استبعاد حركة حماس من السلطة الحاكمة، وتتفكك مؤسساتها الحكومية، بينما تتولى السلطة الفلسطينية وبعض المشاركين الدوليين مهام الحكم والإدارة، مع التزام بحماية الحقوق المدنية والممتلكات، وإشراك الدول العربية والمنظمات الدولية.
دور ترامب وترشيح بلير له
دونالد ترامب – أو على الأقل حلقات مُقربة منه – يُقال إنها تدعم فكرة الإدارة الانتقالية وغالباً يُرد ذكر اسمه كجهة داعمة للمقترح.
يُذكر أن بلير اجتمع مع ترامب ومستشاريه، مثل Jared Kushner، وشارك في مباحثات أمريكية – عربية – دولية حول ما بعد الحرب في غزة.
لكن وجود دعم لا يعني قبولاً شاملًا أو أنه تم تعيين بلير رسميًا، فهناك شروط ومعوقات كثيرة. بعض الأطراف ما زالت متشككة أو معارضة.
المعارضات والمخاوف
من الفلسطينيين، هناك خشية من فقدان السيادة، أو أن الإدارة الدولية تُستخدم لتغييبهم عن اتخاذ القرارات، خصوصاً إذا استُبعدت حماس بطريقة نهائية أو قسرية دون اتفاق سياسي أوسع.
بعض الدول العربية تشترط أن يكون هناك خارطة طريق واضحة نحو إقامة دولة فلسطينية، وإشراك كامل للسلطة الفلسطينية، وأن لا تُستخدم الإدارة الانتقالية لتفتيت الحقوق أو تغيير الواقع الديموغرافي بالقوة.
ملف حقوق الملكية، حق السكن، الحق في العودة، الحماية من التهجير القسري، كلها جوانب حساسة يجب التعامل معها بحذر شديد. وفي المقترحات الأخيرة، تم التأكيد على ضرورة وحدات أو مؤسسات خاصة تُعنى بحفظ حقوق الملكية والممتلكات.
وثمة مسألة قبول إسرائيل، والمنظمات الدولية، وشرعية قوية من المجتمع الدولي. فبدون موافقة متوازنة بين الأطراف، قد تفشل مثل هذه الإدارة في أن يكون لها شرعية فعلية على الأرض.
التسؤلات المطروحة
كيف تبدأ الإدارة عملها؟ هل من مصر أو أماكن آمنة خارج غزة أولاً؟ هل يُسمح لها بتنقّل داخل القطاع؟ هل تُرسل قوات دولية؟
التأمين والحماية: بعد الحرب، البنية التحتية مدمَّرة، الخدمات الإنسانية محدودة، الأوضاع الأمنية غير مستقرة، مما يجعل من مهمة الإدارة الانتقالية معقدة جداً.
التمويل: إعادة الإعمار وتقديم الخدمات تحتاج موارد هائلة، والمجتمع الدولي مطالب بالمساهمة، وكذلك الدول العربية. لكن هناك من يشك في جدية التمويل أو مدى استمراريته.
الخلافات السياسية: في الداخل الفلسطيني، هناك انقسامات قوية بين فصائل مثل حماس والسلطة الفلسطينية، وبين مؤيديهم ومعارضيهم؛ وفي إسرائيل هناك من يرفض أي سلطة فلسطينية حتى لو كانت انتقالية.
الآفاق: هل من الممكن أن يحدث؟
من الناحية النظرية، نعم، هناك إمكانية فعلية أن تُشكّل إدارة مؤقتة بقيادة توني بلير إذا وُفّرت مجموعة الشروط: دعم دولي واسع، قبول فلسطيني داخلي، وضمانات حقوق الإنسان، ومساهمة عربية.
لكن الأمر ليس مضموناً، وستكون هناك مقاومة قوية من الأطراف التي ترى في هذه الفكرة ضعفاً أو خيانة لمطالب الفلسطينيين بالتحرر السياسي الكامل.
الموقف الأمثل ربما أن تُستخدم الفكرة كمقترح تفاوضي، يدخل في إطار تسوية أكبر تُحقق شيئاً من المصلحة الفلسطينية، خصوصاً في موضوع إعادة البناء وتخفيف المعاناة، بدلاً من أن تُطبق كأمر واقع مفروض من الخارج.


