كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
شهدت العاصمة التجارية دار السلام وعدّة مدن في تنزانيا موجة احتجاجات غير مسبوقة، أثارت حالة من التوتر والانقسام السياسي العميق، في وقت تواجه فيه البلاد استحقاقاً انتخابياً يُنظر إليه على أنه حاسم لمحاكاة المسار الديمقراطي.
اندلاع الاحتجاجات وأسبابها
بدأت المواجهات عند بدء عملية التصويت، حيث خرج مئات المحتجين إلى الشوارع مردّدين شعارات مثل: «نريد بلادنا»، احتجاجاً على ما وصفوه باستبعاد أبرز المنافسين لولاية رئاسية ثالثة للرئيسة ساميا سولوهو حسن، وما نُقل عن تضييق على الحريات السياسية.
في أحياء مثل كيمارا وأوبونغو، اشتعلت التظاهرات، وأضرم متظاهرون النار في حافلات ومحطات سيارات، وتعرضت بعض محطات الاقتراع للتخريب.
كما أُغلِقت طرق رئيسية، من بينها الطريق المؤدي إلى مطار دار السلام، في خطوة تكشف الوسع والانتشار الجغرافي للاحتجاجات.
ردّ السلطات وتوسيع دائرة المواجهة
في رد سريع وواسع، أعلنت السلطات حظر تجول يبدأ من السادسة مساءً في دار السلام، وتدخلت قوات الأمن والجيش بدرجة لافتة.
وأمرت الحكومة الموظفين المدنيين بالعمل من منازلهم كإجراء احترازي، في ظل ما اعتُبر حالة طوارئ أمنية فعليّة.
كما تم قطع أو تشويش خدمات الإنترنت بشكل شبه وطني، ما يُظهر الخشية من تنسيق رقمي للاحتجاجات.
دلالات وأبعاد الصراع
تأتي هذه الاضطرابات في وقت يُنظر فيه إلى الانتخابات على أنها أقل تنافسية منذ سنوات، مع ترشيح ضعيف للمعارضة واتهامات بتهميشها.
وبالنظر إلى أن الحزب الحاكم تشاما تشا مابيندومي في السلطة منذ استقلال البلاد، فإن هذه المواجهة تمثّل اختباراً لقوة النظام أمام مقاومة شعبية متزايدة.
من جهة اقتصادية، يؤثر التوتر على حركة النقل والبضائع، وخاصة الطريق إلى المطار، مما قد يُلحق تداعيات بالاقتصاد المحلي والإقليمي.
ما ينتظر البلاد الآن؟
مع استمرار انقطاع الشبكات ووجود عسكري في الشوارع، يترقب المواطنون والمحلّلون ما إذا كان المسار التصويتي سيكون شفافاً، أو أن البلاد ستدخل فترة من عدم الاستقرار.
كما أنّ الإعلام الحقوقي يراقب عن كثب، معتبرين أن ما يحدث ليس مجرد انتخابات بل معركة حول صلاحية النظام السياسي ومستوى حرية التعبير.
في ضوء كل ما سبق، تبدو تنزانيا في مفترق تاريخي، ليس فقط على صعيد الانتقال السياسي، بل أيضاً على صعيد قدرة الدولة على احتواء الغضب الشعبي دون أن يتحوّل إلى أزمة أعمق.


