كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
في خطوة رسمية تشدّد عليها الحكومة السودانية، وجهت السلطات في الخرطوم نداءً عاجلاً إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لاعتبار قوات الدعم السريع ( RSF ) منظمة إرهابية، وذلك على خلفية اتهامات لها بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان منذ اندلاع الحرب الأهلية في البلاد.
وأوضح بيان لوزارة الخارجية السودانية أنّ “التأخر في تصنيف هذه القوة كمنظمة إرهابية يُمثّل تجاهلاً للقانون الدولي ويضع استقرار المنطقة بأسرها في خطر”.
وتعود جذور هذا النداء إلى منتصف نيسان 2025 حين أعلن وزير المالية السودانِي، جِبريل إبراهيم، أن مجلس الأمن قد أدان بالفعل ما وصفه “جرائم قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر ومخيمات زامزام وأبو شوك”، داعياً إلى فرض عقوبات على قيادتها.
كما أكّد النائب العام السوداني، الفتاح تيفور، أن النيابة العامة لديها «أدلة دامغة» حول تورّط قيادات القوات في ارتكاب «جرائم متعددة»، من بينها القتل المقصود للمحافظ السابق لولاية غرب دارفور، مؤكّداً أن التحقيقات تشمل أيضاً استدعاء المشتبه بهم بالتعاون مع منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول).
وفي كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال مؤتمرها الـ 80، شدد رئيس الوزراء السوداني، كمال إدريس، على أن «الشعب السوداني واجه تهديداً وجودياً من قوات الدعم السريع، التي اتّبعت سياسة ترهيب المدنيين». ودعا المجتمع الدولي إلى وقف تدفّق الأسلحة والمقاتلين الأجانب إلى داخل البلاد.
من منظور أممي وقانوني، فإن هذه الدعوات تحمل تبعات كبيرة: فمجرد تصنيف مجموعة مسلحة كمنظمة إرهابية يُقرّ بإجراءات مثل تجميد الأصول، حظر السفر، وقطع التمويل، فضلاً عن تعزيز إطار المساءلة الجنائية على المستوى الدولي.
لكنّ التحديات لا تزال قائمة، إذ إن التوصل إلى إجماع داخل مجلس الأمن ليس أمراً مضمّناً، خاصة مع وجود دول تعارض استخدام تصنيفات تحفّز تدخّلات أو مسارات قانونية جديدة. ومع ذلك، فإن التكرار الدائم لهذا المطلب من الخرطوم يعكس رغبة متزايدة في إحداث تحوّل استراتيجي في مسار الحرب والعدالة في السودان.
في الخلاصة، تبدو السودان اليوم في مفترق طريق: بين مواصلة المواجهة المسلّحة وما تنتهي إليه من مزيد من التدمير، أو الدفع نحو مسار جماعي يسمح بإعادة الاعتبار للشرعية، ومساءلة من ارتكب الجرائم، وتأمين السلام. التصنيف الذي تطالب به الحكومة يمكن أن يكون ورقة ضغط دولية، لكنه كذلك اختباراً لقدرة المجتمع الدولي على التحرك بتنسيق وفعالية أمام أزمة إنسانية وسياسية معقّدة.


