كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
في خطوة سياسية واضحة تضع إطاراً جديداً لمناقشات النشر المقترح لقوة دولية في قطاع غزة، عبّرت كل من الأردن وألمانيا عن موقف مشترك يشترط أن تتم مشاركة أي قوة دولية داخل غزة عبر تفويض صريح صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما يعكس حرصاً على الشرعية الدولية والمعايير القانونية في خطوة تأخذ بعداً دبلوماسياً وأخلاقياً.
مواقف الأردن وألمانيا
من عمّان، دعا وزير الخارجية الأردني خلال اجتماع في نيو يُورك مجلس الأمن إلى «تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية» لضمان أن أي نشر للقوات لا ينفذ بمعزل عن شرعية دولية.
أما من برلين، فقد أعلن المستشار الألماني أن بلاده تقف على استعداد لتعزيز جهود الاستقرار والمساعدات في غزة، متناغمة مع موقف الأردن بشأن تشكيل إطار دولي “يحظى بتفويض أممي”.
خلفية التطورات
تأتي هذه التصريحات في وقت تجمع فيه القوى الدولية العربية والأجنبية على ضرورة “ضمان أمن واستقرار” قطاع غزة بعد النزاع، حيث طرحت خطة نشر “قوة استقرار دولية” بموجب مشروع بريطاني‐فرنسي ينصّ على أن يكون التدخّل عبر قرار من مجلس الأمن.
كما أشار مسؤولون إلى أن القاهرة وأبرز الدول الاقليمية تشترط أن يكون التدخّل «بتفويض واضح» وليس بمهمة طوارئ أو استخدام مباشر للقوة بدون غطاء دولي.
لماذا هذا الشرط؟
الشرعية الدولية: يرى الأردن وألمانيا أن نشر القوات يجب أن مبني على قرار أممي ليمنحها صفة قانونية ويقلّل من المخاطر المرتبطة بتشريع المهمة أو جدواها.
الحياد والقبول الإقليمي: القوى العربية تملك تحفظات على فكرة “قوة احتلال” أو التدخّل المباشر دون إشراف شرعي، كما عبّر ملك الأردن بأن «ما نريده هو حفظ سلام، لا فرض سلام بالقوة».
التكامل مع خطة أوسع: الشرط يمهّد لدمج القوة في إطار إعادة بناء مؤسسات فلسطينية محلية بالشراكة مع المجتمع الدولي، وليس بديلاً عنها.
التحديات
رغم الاتفاق الظاهري، هناك معوقات لا تزال أمام تنفيذ أي نشر:
صياغة قرار مجلس الأمن: حتى الآن لم يُعلن رسمياً قرار واضح، ما يعطل الخطوة التنفيذية.
اختيار البلدان المشاركة: يتطلب ضمانات على لائحة متعهدين دوليين، وهو ما تربط به إسرائيل موافقتها.
العلاقة مع المؤسس الفلسطيني: الشرط يشمل أن تكون المهمة عبر وضع قانوني يدعم الفلسطينيين وليس ويُحلّ محلّهم.
التوقعات المقبلة
من المنتظر أن تتقدّم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بمشروع قرار إلى مجلس الأمن خلال الأيام القادمة، مع مشاركة إقليمية وألمانية وأردنية، ومن ثم يبدأ النقاش في الجمعية العمومية للأمم المتحدة لطلب تفويض . إذا تحقق، قد يُعلن عن آلية عمل ونشر أولي في قطاع غزة خلال الأشهر المقبلة.
تُعدّ هذه الخطوة علامة على أن العالم العربي والمجتمع الدولي أصبحا أكثر توجّهاً نحو إطار رسمي للسيطرة على مرحلة ما بعد النزاع، مما يجعل “تفويض مجلس الأمن” نقطة لا تفتّش عنها الدول فحسب، بل تحدّد شكل الحل والأدوار القادمة في المنطقة.


