كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
في اكتشاف جيولوجي يوصف بأنه الأضخم منذ عقود، أعلنت السلطات الأرجنتينية عن العثور على كميات هائلة من نوع نادر من الجرانيت الأسود في مقاطعة «ميندوزا» الواقعة غربي البلاد، وهو ما اعتبره خبراء الطاقة والمعادن اكتشافًا استراتيجيًا قد يفتح أمام الأرجنتين فصلًا جديدًا في قطاع التعدين العالمي ويعيد رسم خريطة الموارد الطبيعية في أميركا الجنوبية.
ووفقًا لتقارير علمية أولية صادرة عن المعهد الوطني للجيولوجيا في بوينس آيرس، فإن هذا الجرانيت الفريد يتميز بتركيب معدني غني بعناصر نادرة تُستخدم في الصناعات الحديثة، خاصة في تصنيع البطاريات عالية الكفاءة، ومعدات الطاقة النظيفة، وأجزاء من محركات السيارات الكهربائية. وقد أطلق عليه العلماء اسم «الذهب الأسود الجديد» نظرًا لقيمته الاقتصادية الكبيرة وتزايد الطلب عليه عالميًا.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن الاحتياطي المكتشف يمتد على مساحة تزيد عن 45 كيلومترًا مربعًا، بعمق يصل إلى 800 متر تحت سطح الأرض، ما يجعله من أكبر الاكتشافات الجيولوجية في تاريخ الأرجنتين. وتعمل الحكومة بالتعاون مع عدد من الشركات الدولية على دراسة الجدوى الاقتصادية لبدء عمليات الاستخراج خلال العام المقبل، وسط توقعات بأن يجلب الاكتشاف استثمارات أجنبية تتجاوز 10 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الأولى.
وزير الطاقة والمعادن الأرجنتيني وصف هذا الاكتشاف بأنه «تحول استراتيجي في مسار التنمية الوطنية»، مؤكدًا أن بلاده ستتعامل مع المشروع ضمن رؤية تضمن الاستدامة البيئية وتعظيم القيمة المضافة محليًا، دون الاعتماد الكامل على التصدير الخام كما كان يحدث في السابق.
من جانبها، أشادت وسائل الإعلام المحلية بما وصفته «الفرصة التاريخية» أمام الأرجنتين لتتحول إلى لاعب رئيسي في مجال المعادن النادرة، في ظل تزايد الطلب العالمي على المواد الداخلة في صناعة التقنيات الحديثة والطاقة النظيفة.
ويرى محللون اقتصاديون أن هذا الاكتشاف قد يضع الأرجنتين في منافسة مباشرة مع دول مثل تشيلي وبوليفيا اللتين تهيمنان على إنتاج الليثيوم، خاصة إذا ثبت أن الجرانيت الجديد يحتوي على نسب مرتفعة من العناصر النادرة مثل النيكل والمنغنيز والكوبالت.
كما حذر خبراء بيئيون من مخاطر الاستغلال المفرط دون رقابة، مؤكدين أن الحفاظ على التوازن بين التنمية الاقتصادية والبيئية سيكون التحدي الأكبر للحكومة المقبلة، خصوصًا أن المنطقة المحيطة بالاكتشاف تضم محميات طبيعية فريدة.
ومن المتوقع أن تُصدر وزارة الطاقة تقريرها النهائي حول التركيبة الكاملة للعناصر المعدنية خلال الأسابيع القادمة، تمهيدًا لطرح المشروع رسميًا أمام المستثمرين الدوليين.
ويؤكد مراقبون أن اكتشاف «الجرانيت الأسود» في الأرجنتين قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التحول الجيواقتصادي في المنطقة، حيث لم يعد الذهب أو النفط وحدهما يحددان ملامح الثروة، بل المعادن النادرة التي أصبحت تُعرف عالميًا باسم «ذهب المستقبل».


