كتب : دينا كمال
اتجاه بين المشاهير يقلق الأطباء.. أدوية القلق تحت المجهر
خلال السنوات الأخيرة، انتشر اتجاه بين المشاهير يقوم على تناول أدوية حاصرات بيتا باعتبارها وسيلة سريعة للتغلب على القلق والتوتر في المواقف العصبية مثل حفلات الجوائز. هذا الأمر أثار جدلًا واسعًا بين الخبراء الذين نبَّهوا إلى مخاطره الصحية الكبيرة، مؤكدين أن ما يُروَّج له باعتباره “الحبة الزرقاء الصغيرة المهدئة” قد يتحول إلى عامل يرفع احتمالات الوفاة، خصوصًا لدى بعض الفئات المرضية.
ووفقًا لتقارير بريطانية، تمت الموافقة على هذا الدواء في البداية من جانب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك اضطراب ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم.
ويعود الدواء إلى فئة “حاصرات بيتا الأدرينالية” التي تعمل على إبطاء استجابة الجسم للهرمونات العصبية مثل الأدرينالين، وهو ما يؤدي إلى تقليل معدل ضربات القلب وخفض ضغط الدم، وبالتالي التخفيف من الأعراض الجسدية للقلق مثل التعرق والارتعاش وخفقان القلب.
ورغم فعاليته في السيطرة على بعض الأعراض الجسدية، يشير الأطباء إلى أن الدواء لا يعالج جذور القلق ولا يُعتبر حلاً طويل الأمد لنوبات الهلع أو الاضطرابات النفسية المستمرة.
الدكتور أمير خان، الطبيب العام في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، أوضح أن العقار قد يكون نافعًا في حالات “القلق الظرفي”، أي عند مواجهة مواقف محددة تثير التوتر، لكنه لا يصلح كعلاج دائم، كما أن الإفراط في استخدامه قد يسبب آثارًا جانبية خطيرة.
وقد تعزز الاهتمام الإعلامي بالدواء عقب تصريحات لعدد من المشاهير، بينهم الممثل الأمريكي روبرت داوني جونيور الذي اعترف خلال خطاب تسلّمه جائزة “جولدن جلوب” عام 2024 بأنه تناول حبة منه قبل صعوده إلى المسرح. فيما امتدحت ممثلات مثل كريستين بيل وراشيل سينوت الدواء وعدّنه وسيلة مضمونة لتهدئة الأعصاب، بل إن سينوت نصحت جمهورها علنًا بقولها: “تناولي حاصرات بيتا، يا فتاة، ابتلعيها واثبتي على ذلك”. هذه التصريحات زادت من شعبية الدواء بين الشباب والنساء، خاصة من يعانون القلق الاجتماعي.
لكن الأطباء يحذرون من الانجراف وراء هذا التوجه، حيث تكشف دراسات حديثة أن الدواء لا يتفوق بوضوح على أدوية أخرى مضادة للقلق من حيث الفاعلية، بل إن الاستمرار في تناوله قد يرتبط بزيادة معدلات الاكتئاب وارتفاع مخاطر فشل القلب أو النوبات القلبية.
وفي دراسة بريطانية جديدة، تبيّن أن النساء اللواتي تلقين علاجًا بحاصرات بيتا بعد الإصابة بأزمات قلبية كن أكثر عرضة للوفاة أو لدخول المستشفى مقارنة بمن لم يتناولن الدواء.
ويشير خبراء الطب النفسي إلى أن خطورة الاتجاه الحالي تكمن في النظرة الاجتماعية الخاطئة للعقار، إذ يراه البعض بعيدًا عن “أدوية الصحة النفسية”، وبالتالي أقل وصمة من مضادات القلق التقليدية مثل البنزوديازيبينات. هذا التصور ساهم في ارتفاع وصف الدواء، خصوصًا بين النساء والشباب.
وبالرغم من أن الدواء يُعد غير إدماني مقارنة ببعض الأدوية الأخرى، يشدد الأطباء على أنه لا يجوز التوقف عن تناوله فجأة بعد استخدامه لفترات طويلة، لأن ذلك قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
وتشمل آثاره الجانبية المتكررة الشعور بالتعب والدوخة وصعوبات النوم، بينما قد يسبب في حالات نادرة مشاكل تنفسية أو حساسية شديدة. ويخلص الخبراء إلى أن العقار ربما يكون خيارًا مؤقتًا في مواقف معينة أو بعض الحالات الطبية، لكنه لا يمثل علاجًا شاملًا أو آمنًا للقلق.
وفي الوقت الذي يواصل بعض المشاهير الترويج له كـ”حبة معجزة”، يؤكد الأطباء أن العلاج الصحيح للاضطرابات النفسية يتطلب خطة متكاملة تجمع بين الدعم النفسي والعلاج السلوكي، مع استخدام الأدوية تحت إشراف طبي دقيق.


