كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
وسط اهتمام نقدي وجمهور متزايد في بيروت، تتصدر المسرحية اللبنانية «ويلة عيد» الساحة المسرحية هذا الموسم، بعد عرضها على خشبة مسرح «ديستركيت 7» في منطقة الصيفي، مستوحاة من تجربة فقد شخصية حقيقية ألهمت صناعتها.
تأتي المسرحية التي كتبَتها وأخرجتها مايا سعيد من ذكريات وتجربة شخصية مرتبطة بفقد والدها—الطبيب الذي عمل على امتداد سنوات طويلة بدون توقف، حتى في أجواء الأعياد— لتتحوّل إلى مادة درامية تسعى إلى التعبير عن وجع الفقد وعمق الذاكرة الإنسانية في زمن الاحتفالات والأعياد.
وفقًا للنقاد، تحمل المسرحية نية إنسانية صادقة وعاطفة قوية تجاه الطاقم الطبي الذي لا يعرف معنى الإجازة بينما يحتفل الآخرون، إلا أن بعض التحليلات ترى أن النصّ والأداء المسرحي ينقصهما بناء درامي أكثر تماسكًا وعمقًا، رغم وضوح الحس الإنساني وراء الفكرة.
فكرة العرض وتجسيد الوجع
تستوحي “ويلة عيد” الكثير من تجربة شخصية عميقة جداً، إذ تظهر في العرض شخصية طبيب لا يميز بين الليل والنهار، وبين أيام العمل وأيام العيد، ما يعكس تجربة والد الكاتبة الذي قضى حياته في مهنة الطب دون توقف، متجاوزًا حدود الراحة الشخصية.
وقد صرّح النقاد بأن هذا النزوع الشخصي نحو تحويل الألم إلى خشبة المسرح يعكس حسًّا إنسانيًا قويًا، لكنّ الانتقال من ألم شخصي إلى بناء فني قادر على التأثير في المتلقي يواجه تحديات في الحبكة والإخراج والأداء التمثيلي.
ردود الفعل وأداء الممثلين
يشارك في العمل وسام صبّاغ وأندريه ناكوزي في أدوار تحمل ثقلًا عاطفيًا كبيرًا، إذ يحاولان نقل فكرة الوجع والبحث عن المعنى وسط أجواء الاحتفال بالميلاد، لكن بعض النقاد أشاروا إلى أن الكيمياء بين الشخصيات وعمق الأداء يحتاجان إلى مزيد من التركيز لتقديم تجربة أكثر تأثيرًا للمشاهد.
أهمية المسرح وتجارب الفقد
يؤكد المتابعون للمشهد المسرحي في لبنان أن أعمالًا مثل “ويلة عيد” تلقي الضوء على قضايا إنسانية عميقة ترتبط بحياة الناس اليومية، بعيدًا عن الكوميديا الخفيفة أو الطابع الترفيهي البحت، ما يجعل المسرح منصة للتعبير عن المشاعر الفردية والجماعية في آن واحد.
ختامًا، تستمر “ويلة عيد” في جذب الجماهير التي ترى في هذه التجربة مرآة للوجع الإنساني المشترك مع اشتداد النقاشات حول كيفية نقل قصص الألم الشخصي إلى خشبة المسرح بإبداع وعمق درامي يلامس عمق الجمهور.


