كتب : دينا كمال
سر العمر الطويل.. أكبر معمّرة في العالم تكشف فلسفتها
سجّلت إثيل كاترهام إنجازًا استثنائيًا هذا العام بعد اعتمادها رسميًا كأكبر معمّرة في العالم عن عمر 116 عامًا، عقب وفاة أكبر معمّرة سابقة في عام 2025، لتصبح شاهدة حيّة على أكثر من قرن من التحولات التاريخية.
وُلدت كاترهام في 21 أغسطس عام 1909 في مقاطعة هامبشاير الإنجليزية، وعاصرت خلال حياتها الممتدة تغيرات جذرية طالت العالم سياسيًا واجتماعيًا وتكنولوجيًا، ما أثار فضولًا واسعًا حول سر طول عمرها.
راحة البال
وعند سؤالها عن سر حياتها الطويلة، قدّمت كاترهام إجابة بسيطة وعميقة في آن واحد، إذ أكدت أن مفتاح عمرها المديد لا يكمن في أنظمة غذائية صارمة أو التزام رياضي قاسٍ، بل في الحفاظ على راحة البال وتجنّب النزاعات.
وقالت كاترهام: «لا أجادل أحدًا أبدًا، أستمع بهدوء وأفعل ما أحب»، في تعبير يلخص فلسفتها في العيش بسلام داخلي.
الرفاهية العاطفية
وتعكس هذه الفلسفة أهمية الرفاهية العاطفية ودورها المحوري في الصحة العامة، حيث تشير دراسات علمية إلى أن التوتر المزمن يسرّع الشيخوخة ويزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري، في حين يساهم الاستقرار النفسي والتنظيم العاطفي في إطالة العمر وتحسين جودة الحياة.
وأظهرت أبحاث حديثة أن الإجهاد النفسي الشديد قد يؤدي إلى تقليص متوسط العمر المتوقع بعدة سنوات، نتيجة تأثيره السلبي على المناعة ووظائف الجسم الحيوية.
التكيّف والهدوء
ويُجسّد أسلوب حياة كاترهام قدرة لافتة على التكيّف مع الظروف المتغيرة، إلى جانب تمسكها بالهدوء ورباطة الجأش، وهي سمات رافقتها طوال حياتها وساعدتها على تجنب الضغوط غير الضرورية.
ومنذ شبابها، اتسمت حياتها بروح المغامرة، إذ غادرت إنجلترا في سن 18 عامًا متجهة إلى الهند للعمل كمربية أطفال، قبل أن تعود وتتزوج من ضابط في الجيش البريطاني، وتنقلا لاحقًا بين عدة دول، حيث أسست حضانة للأطفال وشاركت في أنشطة تعليمية ومجتمعية.
إرث عائلي ممتد
واستقرت كاترهام لاحقًا في المملكة المتحدة، وأنجبت ابنتين، وتوسعت عائلتها لتضم أحفادًا وأحفاد أحفاد، فيما يبدو أن طول العمر سمة متوارثة في العائلة، إذ عاشت شقيقتها حتى سن 104 أعوام.
كتاب تاريخ حي
وعلى مدار 116 عامًا، عاصرت كاترهام حربين عالميتين، وشهدت اعتلاء ستة ملوك بريطانيين العرش، وتولي عشرات رؤساء الوزراء الحكم، فضلًا عن التحولات التكنولوجية من الرسائل المكتوبة إلى الهواتف الذكية والذكاء الاصطناعي.
كما نجت في سن متقدمة من جائحة عالمية هددت حياة الملايين، لتواصل حياتها اليوم في دار رعاية، محافظة على فلسفتها القائمة على السلام الداخلي والرضا.
وتُجسّد قصة إثيل كاترهام رسالة واضحة مفادها أن صفاء الذهن وسعادة القلب قد يكونان السر الحقيقي وراء حياة طويلة وصحية، إلى جانب العوامل الوراثية ونمط الحياة.


