كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
نشأت في تايوان عام 2025 أزمة بارزة تتعلق بالتّهــرّب من الخدمة العسكرية الإلزامية، حيث برزت حالات تهرّب واسعة بين الشباب، مما أثار نقاشًا حادًا داخل المجتمع حول مفهوم الولاء الوطني والواجب المدني، وأعاد إلى الواجهة الانقسامات الجيلية والأبعاد الاجتماعية لهذه القضية.
تكشف الأزمة عن انقسام واضح داخل المجتمع التايواني، خاصة بين جيل الألفية وجيل زد، حيث يُظهر بعض الشباب ترددًا أو رفضًا لخوض الخدمة العسكرية الإلزامية، بينما يبدي آخرون استعدادًا أكبر. ويُنظر إلى هذه الفجوة على أنها انعكاس أوسع لصراع الهوية الوطنية والثقة بالمؤسسات بين الأجيال المختلفة في البلاد.
وتترافق هذه الأزمة مع الضغوط الخارجية المتصاعدة، لا سيما التوترات مع الصين، الأمر الذي دفع الحكومة إلى توسيع فترة الخدمة العسكرية إلى سنة كاملة منذ عام 2024، في محاولة لتعزيز قدرات الدفاع الوطني، لكن ذلك أثار جدلًا واسعًا حول فعالية هذه الإجراءات وقدرتها على معالجة القضية.
وبحسب تقديرات رسمية، فإن نسب التهرّب من الخدمة أو الإعفاءات تظهر ارتفاعًا غير معتاد، مما دفع السلطات إلى فتح تحقيقات موسعة لمعالجة أسباب التهرب، وفحص حالات المحتالين الذين يسعون لتجنّب الخدمة عبر وسائل غير قانونية، بما في ذلك التلاعب بالوثائق الصحية والتسجيلات الرسمية، وذلك بعد اكتشاف تورط بعض المشاهير في هذه الممارسات ما أثار صدمة في أوساط الرأي العام وأشعل الجدل حول المسؤولية والمساءلة.
ويتطلب حل الأزمة، وفق محللين، إعادة النظر في سياسات التجنيد الإجباري نفسها وعدم اقتصار المعالجة على تعديل مدة الخدمة، بل العمل على ترسيخ مفهوم الولاء الوطني والثقة في المؤسسات العسكرية لدى الشباب، إضافة إلى تبني استراتيجية وطنية شاملة لتقليل الانقسامات بين مختلف الفئات الاجتماعية.
تُظهر هذه التطورات أن قضية التجنيد في تايوان لم تعد مجرد مسألة قانونية أو دفاعية فحسب، بل تحولت إلى قضية اجتماعية عميقة تتعلق بالهوية والانتماء، ما يجعل التعامل معها مفتوحًا على نقاشات أوسع في المستقبل.


