كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
شهدت الأيام الماضية ضجة سياسية واسعة حول خطوة جديدة للحكومة السودانية يقودها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، تتعلق بملف علاقات الخرطوم مع طهران، خاصة على صعيد ميناء بورتسودان الحيوي على البحر الأحمر، وسط قراءة متسارعة لتداعياتها على الأزمة المستمرة في البلاد منذ أكثر من عامَين.
بحسب تقرير حديث، فإن الانفتاح العلني الذي أبدته السلطات في بورتسودان تجاه إيران عبر ميناء بورتسودان يعكس تحركًا سياسيًا واقتصاديًا استراتيجيًا من جانب قادة الحكم في الخرطوم، في وقت تشهد فيه البلاد تراجعًا في المناورة الإقليمية وتضييقًا في الخيارات الخارجية
وتُنظر تلك الخطوة في أوساط مراقبين إلى أنها تأتي في سياق محاولة لوقف نزيف الخسائر الاقتصادية والسياسية التي يتعرض لها النظام السوداني حاليًا، لا سيما مع استمرار الحرب بين الجيش وقوات “الدعم السريع” منذ أبريل 2023، وما ترتب على ذلك من أزمات إنسانية واقتصادية عميقة ضربت بورتسودان نفسها. (alaraby.co.uk)
لماذا إيران وبورتسودان؟
ميناء بورتسودان يُعد شريانًا أساسيًا للاقتصاد السوداني، إذ عبره كانت تمر جزء كبير من الصادرات والواردات قبل اندلاع الحرب، ويطل مباشرة على البحر الأحمر، مما يمنحه أهمية جيو‑استراتيجية كبرى. وقد بات المركز التجاري والبحري هذا محورًا للعديد من التحركات الخارجية بعد أن صار مقرًا مؤقتًا لعدد من الوزارات والهيئات الحكومية بعيدًا عن الخرطوم بسبب استمرار العنف في العاصمة ومناطق أخرى من البلاد.
التحركات الأخيرة لفتح الباب أمام علاقات بحرية أو تعاون مع إيران – كما وصفها التقرير – تشير إلى أن الخرطوم تبحث عن شركاء جدد في ظل تراجع الدعم الإقليمي التقليدي لها، فضلاً عن الضغوط الدولية والمفاوضات المحيطة بملف السلم في السودان.
هذا التوجه يطرح أكثر من سؤال حول مستقبل النفوذ الإقليمي في السودان، خاصة أن إيران تسعى منذ وقت طويل إلى توسيع نفوذها على طول ساحل البحر الأحمر من خلال بناء علاقات مع فاعلين سياسيين وعسكريين في المنطقة
تأثيرات محتملة على الصراع الداخلي
وسط استمرار الحرب الأهلية السودانية بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، فإن أي تقارب مع إيران يحمل في طياته أبعادًا متعددة:
أولاً: قد يعزز قدرة الخرطوم على تأمين دعم سياسي أو اقتصادي في مواجهة أزمات الانهيار الاقتصادي الراهنة، حيث يعاني السكان من نقص في الوقود والمياه وارتفاع حاد في الأسعار.
ثانيًا: يفتح الباب أمام تغييرات في الخريطة الجيو‑سياسية على ساحل البحر الأحمر، ما قد يعيد رسم علاقات السودان مع القوى الإقليمية والغربية.
ثالثًا: يثير المخاوف لدى دول مجاورة ومجتمع دولي أن ثمة تحالفات خارجية قد تزيد من تعقيد الصراع بدلًا من تخفيفه، في ظل استمرار المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
تأتي هذه التطورات في وقت لا يزال فيه السودان يشهد أحد أطول أزمات الحرب الأهلية في تاريخه الحديث، مع تأثيرات عميقة على الحياة اليومية للمواطنين، وتهديدات مباشرة لأمن واستقرار المنطقة بشكل عام. وتبقى خطوات مثل فتح الأبواب أمام علاقات بحرية مع إيران عبر ميناء بورتسودان موضوعًا محوريًا في قراءة مستقبل الصراع والسياسة الخارجية للخرطوم.


