كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
أعلنت السلطات القضائية في رومانيا إعادة فتح تحقيق جنائي يتعلق بشبهات تهريب أسلحة مصدرها أوكرانيا عبر الموانئ الرومانية، في خطوة أثارت اهتمامًا واسعًا داخل البلاد وخارجها، نظرًا لحساسية الملف وتوقيته المرتبط بالحرب الدائرة في أوكرانيا والأوضاع الأمنية في منطقة البحر الأسود.
وبحسب ما كشفته مصادر رسمية، فإن التحقيق يركز على شحنات عسكرية مرت عبر موانئ رومانية، وعلى رأسها ميناء كونستانتسا، دون استيفاء الإجراءات القانونية الكاملة المتعلقة بالتصريح الجمركي أو التراخيص الخاصة بنقل الأسلحة. وأوضحت الجهات المعنية أن الوثائق المرافقة لبعض الشحنات تضمنت بيانات غير دقيقة حول طبيعة المحتويات، ما دفع النيابة العامة إلى إعادة فتح الملف بعد إغلاقه مؤقتًا في وقت سابق.
وكانت القضية قد أُثيرت لأول مرة أواخر العام الماضي، عندما رصدت سلطات الجمارك حاويات يُشتبه في احتوائها على معدات عسكرية وأسلحة خفيفة، من بينها رشاشات وملحقات قتالية، جرى تمريرها باعتبارها بضائع غير عسكرية. ورغم أن التحقيق أُغلق في مرحلة أولى بدعوى الظروف الاستثنائية التي تمر بها أوكرانيا، فإن معطيات جديدة ظهرت لاحقًا دفعت الجهات القضائية إلى استئناف التحقيق بصورة رسمية.
وأشارت مصادر أمنية إلى أن إعادة فتح الملف تأتي في إطار تعزيز الرقابة على حركة الأسلحة عبر الأراضي الرومانية، ومنع استغلال الموانئ لأغراض غير قانونية قد تمثل تهديدًا للأمن القومي، خاصة في ظل تصاعد المخاوف من تسرب الأسلحة إلى جهات غير نظامية أو استخدامها خارج الأطر المتفق عليها دوليًا.
من جانبها، أكدت السلطات الرومانية أن التحقيق لا يستهدف دولة بعينها، بل يندرج ضمن التزام البلاد بالقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بتجارة ونقل الأسلحة، مشددة على أن رومانيا، باعتبارها عضوًا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، تتحمل مسؤولية كبرى في ضبط حدودها وموانئها ومنع أي خروقات قد تؤثر على أمن المنطقة.
ويرى مراقبون أن هذه القضية قد تكون لها انعكاسات سياسية ودبلوماسية، خاصة في ظل العلاقات الوثيقة بين رومانيا وأوكرانيا، والدور الذي تلعبه بوخارست كممر لوجستي مهم في دعم كييف. كما قد تفتح التحقيقات الباب أمام نقاش أوسع داخل الاتحاد الأوروبي حول آليات الرقابة على شحنات الأسلحة العابرة للدول الأعضاء أثناء النزاعات المسلحة.
ويُعد ميناء كونستانتسا أحد أكبر الموانئ في البحر الأسود، ويمثل نقطة عبور حيوية للبضائع التجارية والعسكرية، ما يمنحه أهمية استراتيجية كبيرة ويجعل أي شبهات تتعلق به محل تدقيق شديد من قبل الأجهزة الأمنية والقضائية.
ولا تزال التحقيقات جارية، وسط ترقب لنتائجها النهائية، وما إذا كانت ستقود إلى توجيه اتهامات رسمية أو اتخاذ إجراءات قانونية جديدة بحق المتورطين في القضية.


