كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
تشهد العلاقات بين بيروت وطهران تصعيداً دبلوماسياً غير مسبوق، تجلّى مؤخراً في رفض وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي زيارة دعته إليه نظيره الإيراني عباس عراقجي إلى طهران، ضمن سلسلة من المواقف التي تعبّر عن رفض لبناني واضح لأي تدخل إيراني في الشؤون الداخلية، خاصةً فيما يتعلق بملف سلاح حزب الله وأثره على سيادة الدولة اللبنانية.
وتتسع فجوة الخلاف لتشمل الجدل حول اعتماد السفير الإيراني الجديد في بيروت، حيث يُنظر إليه من جانب مسؤولين لبنانيين كأداة لتعزيز النفوذ الإيراني في لبنان، بينما يرفض هؤلاء ما يرونه استخدام طهران لحزب الله كقوة موازية للدولة اللبنانية تتجاوز المؤسسات الشرعية وتُعقّد جهود الحكومة في نزع السلاح وتأكيد احتكار الدولة للقرار العسكري والسيادي.
وقد ردّ مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية علي أكبر ولايتي بالتأكيد على استمرار دعم طهران لحزب الله، واصفاً إياه بأنه “أحد أهم أعمدة محور المقاومة” في مواجهة إسرائيل، ومشددًا على أن الجمهورية الإسلامية ستواصل هذا الدعم بحزم. هذا الموقف زاد من توتر العلاقات مع بيروت، التي ترى في هذا الدعم تدخلاً مباشراً في سيادتها الداخلية ويُعد سبباً رئيسياً في تفاقم الخلاف الدبلوماسي بين البلدين.
وفي خضم هذا التوتر، كرّر رئيس حزب حركة التغيير، إيلي محفوض، انتقاده لحركة إيران تجاه لبنان، مؤكداً أن طهران لا تحترم سيادة الدولة اللبنانية عبر تمويل وتوجيه ميليشيا خارج إطار الدولة اللبنانية ومخالفة الدستور اللبناني.
وتأتي هذه التطورات في وقتٍ يواجه فيه لبنان ضغوطاً كبيرة من الداخل والخارج بشأن كيفية التعامل مع سلاح حزب الله، حيث يطالب البعض بنزع سلاح الحزب ووضعه تحت سيطرة الدولة، بينما يعتبر آخرون أن هذا السلاح ضروري للردعة في وجه إسرائيل، مما يجعل المشهد اللبناني منقسماً وقابلاً لتفاقم الأزمات السياسية والأمنية.
حتى الآن، لم يصدر عن الحكومة اللبنانية إعلان رسمي يصف إيران كـ “دولة معتدية” بشكل قانوني أو دبلوماسي، لكن التصعيد في المواقف السياسية والرفض الواضح للتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية، وخصوصًا في موضوع سلاح حزب الله، يساهم في تأزم العلاقات بين البلدين ويدفع بالملف إلى مستوى غير مسبوق من التوتر.


