كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
تواجه حركة حماس واحدة من أصعب فترات وجودها منذ تأسيسها، وسط أزمة وجودية متعددة الأبعاد تشمل ضغوطًا عسكرية وسياسية واقتصادية، إلى جانب تحديات داخلية تتعلق بالسيطرة على غزة وشعبيتها المتراجعة. تصف التحليلات الحالية الوضع بأنه أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى بالنسبة للحركة، مع احتمالات تطوّر مشهدها في اتجاهات مختلفة بحسب تطورات الحرب والمفاوضات والضغوط الدولية.
السيناريو 1: استمرارية الوضع الراهن وتبديد القوى
في هذا السيناريو، تستمر الوقائع الميدانية على حالها دون التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم أو اتفاق سياسي شامل بين حماس وإسرائيل. تظل الحركة في موقع الدفاع، مع استمرار الحصار ومعاناة قطاع غزة، ما يؤدي إلى مزيد من تفكك الدعم الشعبي داخل القطاع وخارجه، ويضعف قدراتها العسكرية والسياسية على المدى الطويل. استمرار هذا الوضع قد يدفع حماس إلى القبول بتنازلات تدريجية أو إيجاد تسويات مؤقتة لتخفيف الضغط، لكنها قد تفقد الكثير من نفوذها في العملية السياسية الفلسطينية.
السيناريو 2: مفاوضات وقف إطلاق النار وتحول سياسي جزئي
يتضمن هذا السيناريو انسجامًا جزئيًا في مفاوضات وقف إطلاق النار والمفاوضات غير المباشرة التي تجريها حماس مع إسرائيل بوساطة دولية (مثل الوساطة الأمريكية وقطر وتركيا ومصر)، ما يؤدي إلى هدنة طويلة الأمد أو تبادل أسرى موسّع مع شروط قد تشمل تخفيف الحصار وفتح المعابر الإنسانية. في المقابل، قد تضطر حماس إلى تقديم تنازلات حول سلاحها أو دورها في الحكم كجزء من خطة تتضمن فترة انتقالية لإدارة غزة بسلطة technocratic أو جسم بديل تحت إشراف دولي. هذا السيناريو يعيد رسم الاستراتيجية السياسية للحركة لكنه قد يضمن استمراريتها كمكوّن سياسي ضمن حل سياسي أوسع، حتى لو ضعفت قدراتها العسكرية.
السيناريو 3: تصعيد إسرائيلي وحسم عسكري يغير قواعد الصراع
السيناريو الأكثر خطورة يتمثل في تصعيد عسكري إسرائيلي أكبر، يتجاوز حدود الهدنة الهشة الحالية، وقد يشمل عمليات واسعة داخل غزة أو ضربات استراتيجية تستهدف البنية القيادية لحماس، مما يؤدي إلى تدهور الوضع الأمني وتفكك أكبر للحركة أو حتى إنهائها كقوة مسيطرة داخل القطاع. مثل هذا التصعيد يمكن أن يعطل بالكامل أي جهود تفاوضية ويخلق واقعًا جديدًا في الصراع، مع مخاطر تصعيد أوسع تشمل أطرافًا إقليمية وعواقب إنسانية جسيمة للسكان المدنيين.
ما يحدد أي من هذه السيناريوهات سيتحقق هو مدى الالتزام بالوقف الحالي لإطلاق النار، وجود إرادة سياسية حقيقية للتوصل إلى اتفاق شامل، ومدى نجاح الوساطات الدولية في تخطي العقبات الأساسية كملف تبادل الأسرى، الانسحاب الإسرائيلي، وملف سلاح المقاومة والضمانات الأمنية طويلة الأمد.


