كتب : دينا كمال
فيروس H3N2.. ما مدى خطورته وسرعة انتشاره؟
مع بداية فصل الشتاء، رصد أطباء في دول عدة ارتفاعًا ملحوظًا في حالات الإصابة بالإنفلونزا، إلا أن الموسم الحالي شهد بروز سلالة مختلفة أثارت قلق المختصين، تُعرف باسم فيروس H3N2، والذي يصفه البعض بـ«الإنفلونزا الشديدة». ورغم أن هذه السلالة ليست جديدة كليًا، فإن طفرات حديثة زادت من قدرتها على الانتشار وتجاوز المناعة، ما أدى إلى موجة عدوى واسعة، خاصة بين الأطفال وصغار البالغين.
ووفقًا لتقارير صحية حديثة، سجلت المستشفيات خلال الأسابيع الماضية زيادة تجاوزت 50% في حالات الإنفلونزا، كان معظمها مرتبطًا بسلالة H3N2. ويعزو الخبراء ذلك إلى تراجع المناعة المجتمعية بعد مواسم شهدت انخفاضًا نسبيًا في انتشار الفيروس خلال جائحة كوفيد-19، إلى جانب التغيرات الجينية الطفيفة التي طرأت على الفيروس وجعلته أكثر مقاومة للمناعة المكتسبة من العدوى أو التطعيم السابق.
ما الذي يميز فيروس H3N2؟
ينتمي فيروس H3N2 إلى عائلة الإنفلونزا A، وهي المسؤولة عن أغلب موجات الإنفلونزا الموسمية. ويعتمد تصنيف هذه الفيروسات على بروتينين أساسيين على سطحها، هما الهيماغلوتينين (H) والنيورامينيداز (N)، حيث تمنح هذه التركيبة الفيروس خصائص معينة تتعلق بسرعة الانتشار والاستجابة المناعية.
ويؤكد الأطباء أن هذه السلالة سريعة التغير، ما يجعل مكافحتها عبر اللقاحات الموسمية تحديًا مستمرًا، إذ تؤدي الطفرات المتكررة إلى تقليل فاعلية المناعة المكتسبة مع كل موسم شتاء جديد.
مدى خطورة السلالة الحالية
لا يُصنف فيروس H3N2 على أنه أكثر فتكًا من غيره من سلالات الإنفلونزا، إلا أن خطورته الحقيقية تكمن في سرعة انتشاره وارتفاع أعداد المصابين. ومع زيادة الإصابات، ترتفع تلقائيًا أعداد الحالات الحرجة التي تتطلب دخول المستشفيات، لا سيما بين كبار السن، والأطفال، والنساء الحوامل، ومرضى القلب والجهاز التنفسي.
وتشير البيانات الصحية إلى أن ذروة الإصابات هذا الموسم جاءت مبكرًا عن المعتاد، ما يعكس قدرة أكبر للفيروس على الانتقال في درجات حرارة أقل.
الأعراض الأكثر شيوعًا
تتشابه أعراض الإصابة بفيروس H3N2 مع أعراض الإنفلونزا الموسمية، وتشمل ارتفاع درجة الحرارة، والسعال الجاف، والتهاب الحلق، وآلام المفاصل والعضلات، والشعور بالإرهاق العام.
غير أن بعض المرضى أبلغوا عن أعراض إضافية مثل الغثيان واضطرابات الجهاز الهضمي، وهي أعراض غير شائعة تقليديًا، ما يشير إلى اختلاف استجابة الجسم لهذه السلالة المتحورة.
ويؤكد الأطباء أن معظم الحالات تتحسن خلال أسبوع، لكن استمرار الحمى، أو صعوبة التنفس، أو آلام الصدر يستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا لاحتمال حدوث مضاعفات.
هل توفر اللقاحات الحماية؟
لا يمنح اللقاح الموسمي حماية كاملة من فيروس H3N2، لكنه يظل الوسيلة الأهم لتقليل شدة المرض وخفض معدلات دخول المستشفيات. ويشير الخبراء إلى أن تصنيع اللقاحات يعتمد على توقعات مبكرة لسلالات الفيروس المنتشرة، ما يجعل فعاليتها متفاوتة من عام لآخر.
وخلال موسم 2025، أظهرت الدراسات أن الفيروس اكتسب طفرات جديدة بعد إنتاج اللقاح، ما قلل من مستوى الحماية، إلا أن التطعيم لا يزال يقلل بشكل كبير من خطر المضاعفات.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة
تشير الإحصاءات إلى أن الأطفال بين 5 و14 عامًا هم الأكثر تعرضًا للعدوى، يليهم الشباب في العشرينات والثلاثينات، نتيجة زيادة الاختلاط في المدارس وأماكن العمل. أما الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات فتشمل كبار السن، ومرضى الأمراض المزمنة، وذوي المناعة الضعيفة، والحوامل.
وتوصي الجهات الصحية هذه الفئات بالحصول على التطعيم السنوي، واتباع إجراءات وقائية إضافية خلال موسم الانتشار.
إجراءات الوقاية
رغم عدم وجود وسيلة تمنع العدوى بشكل كامل، فإن الالتزام بالعادات الوقائية يظل فعالًا، مثل غسل اليدين بانتظام، وتهوية الأماكن المغلقة، وتجنب لمس الوجه بعد ملامسة الأسطح العامة، والبقاء في المنزل عند ظهور الأعراض.
كما ينصح الأطباء بتجنب التجمعات الكبيرة خلال فترات الذروة، والحصول على قسط كافٍ من الراحة، والإكثار من السوائل الدافئة لدعم المناعة.
هل تختلف طرق العلاج؟
لا تختلف طرق علاج الإصابة بفيروس H3N2 كثيرًا عن علاج الإنفلونزا الموسمية، إذ تعتمد معظم الحالات على الراحة، وتناول السوائل، واستخدام خافضات الحرارة مثل الباراسيتامول. وتُستخدم الأدوية المضادة للفيروسات للفئات الأكثر عرضة للخطر، ويفضل إعطاؤها خلال أول 48 ساعة من ظهور الأعراض لتحقيق أفضل فاعلية.


