كتب : دينا كمال
غزة.. فصائل مسلحة تتنافس على ملء فراغ حماس
مع تصاعد الفوضى الأمنية في قطاع غزة، برزت خمس جماعات مسلحة على الأقل تتنافس لفرض نفوذها في المناطق التي تراجع فيها حضور حركة حماس، في ظل تداعيات الحرب المستمرة وتغير موازين السيطرة على الأرض.
ففي مطلع نوفمبر الماضي، قُتل الشيخ محمد أبو مصطفى عقب خروجه من أحد مساجد جنوب غزة، في حادثة اغتيال وُصفت بالمستهدفة. وأعلنت جماعة إسلامية متشددة أن ميليشيا محلية مدعومة من إسرائيل تقف وراء العملية.
لاحقاً، اتهمت جماعة مرتبطة بحماس الإمام القتيل بإخفاء رهائن إسرائيليين، وربطت عملية اغتياله بميليشيا ناشئة يقودها حسام الأسطل، وهو أسير سابق يعمل علناً على تقويض سلطة حماس في القطاع.
وفي تصريح هاتفي، نفى الأسطل ضلوع مجموعته في الاغتيال، مؤكداً في الوقت نفسه ترحيبه بمقتل أي عنصر تابع لحماس. وتُعرف مجموعته باسم “قوة مكافحة الإرهاب”، وقد تمكنت من السيطرة على قرية في الجزء المحتل من خان يونس، واتخذتها منطلقاً لشن هجمات ضد الحركة.
ومع انقسام غزة فعلياً إلى منطقتين، أعادت حماس بسط نفوذها على النصف الغربي من القطاع الذي انسحبت منه إسرائيل، فيما بقيت المناطق الواقعة شرق “الخط الأصفر” تحت سيطرة إسرائيلية مباشرة، مع وجود محدود للمدنيين.
وفي تلك المناطق، تنشط خمس فصائل مسلحة على الأقل، تحولت من مجموعات متفرقة إلى شبكات منسقة تسعى لفرض نفسها كبديل محتمل لحماس في مرحلة ما بعد الحرب.
وأكد قادة هذه الجماعات وجود تنسيق مشترك فيما بينهم، مشيرين إلى توحد الأهداف والرؤية، رغم محدودية العدد والتسليح وضعف القاعدة الشعبية.
وتعتمد هذه الميليشيات على أسلحة خفيفة وعدد محدود من المقاتلين، وتنشر مواد دعائية تُظهر عناصرها وهم يتعهدون “بتحرير غزة” من حماس، في محاولة لكسب الدعم المحلي.
في المقابل، شنت حماس حملة أمنية واسعة لتعقب هذه الجماعات، وسط مخاوف متزايدة من انزلاق القطاع إلى صراع داخلي مفتوح، خصوصاً بعد تداول مقاطع مصورة تُظهر عمليات إعدام ميدانية بحق متهمين بالتعاون مع إسرائيل.
وبررت فصائل تابعة لحماس تلك الإعدامات بأنها استهدفت متعاونين ومتورطين في قضايا أمنية، من دون تقديم أدلة علنية.
وفي هذا السياق، برزت جماعة “القوات الشعبية” كأكثر الفصائل إثارة للجدل، خاصة بعد مقتل زعيمها ياسر أبو شباب، الذي وُصف بأنه كان يحظى بدعم إسرائيلي مباشر. وقد قوبل مقتله باحتفالات واسعة من قبل أنصار حماس.
ولا تقتصر طموحات هذه الجماعات على مواجهة حماس فحسب، بل تسعى لإثبات قدرتها على إدارة شؤون محلية، من خلال تجنيد مدنيين وعرض رواتب للمقاتلين، في ظل غموض يحيط بمصادر تمويلها.
وأكد قادة بعض هذه الفصائل أن تشكيلها جاء بالتنسيق مع جهات فلسطينية، وأن مهامها تطورت من تأمين المساعدات الإنسانية إلى مشروع أوسع لإدارة مناطق في غزة خلال المرحلة المقبلة.


