كتب : دينا كمال
المجاعة تتفاقم في الفاشر ومساعدات محدودة تكسر الحصار جزئيًا
سمحت قوات الدعم السريع، للمرة الأولى منذ سيطرتها على مدينة الفاشر، بدخول مساعدات إنسانية محدودة ومتفرقة إلى المدينة، في خطوة وُصفت بأنها استثناء نادر لا يغيّر من واقع الحصار المشدد والتعتيم المفروض على الأوضاع الإنسانية.
وفرضت قوات الدعم السريع تعتيمًا كاملًا على الاتصالات منذ إحكام سيطرتها على الفاشر، بالتزامن مع إفادات شهود ومنظمات حقوقية عن ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين. ولا يزال الوصول إلى المدينة، الواقعة في إقليم دارفور غربي السودان، محظورًا على الصحافيين والمنظمات الدولية، فيما انقطع التواصل مع عشرات الآلاف من السكان المحاصرين داخلها.
وتمكنت منظمة محلية تُعنى بالسلام والتنمية في دارفور من دخول المدينة، حيث قدمت مساعدات غذائية لنحو 1200 أسرة داخل مراكز الإيواء على دفعتين. وأكدت المنظمة أن السكان يواجهون نقصًا حادًا في المياه والخدمات الطبية، خصوصًا الجرحى وكبار السن والمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة.
وقال رئيس المنظمة لقمان أحمد إن الأوضاع الإنسانية تمثل كارثة حقيقية، مشيرًا إلى أن السكان يعانون من انعدام الغذاء، ومعربًا عن أمله في أن يشجع هذا الدخول المحدود جهات أخرى على محاولة الوصول إلى المدينة رغم المخاطر الأمنية الكبيرة.
وأوضح أحمد أن منظمته تفاوضت مباشرة مع قوات الدعم السريع للحصول على إذن الدخول، في وقت لا تزال فيه منظمات الإغاثة الدولية الكبرى عاجزة عن الوصول. ولم تنجح محادثات جرت على مدى أسابيع في تأمين ممرات إنسانية آمنة، رغم الإعلان سابقًا عن تقدم وموافقات مبدئية لم تُنفذ ميدانيًا.
وقال مسؤول في برنامج الأغذية العالمي إن استمرار العمليات العسكرية داخل الفاشر يجعل الوصول غير آمن، مؤكدًا عدم وجود قوافل غذائية متجهة إلى المدينة في الوقت الراهن، رغم الجاهزية للتحرك فور توفر الحد الأدنى من الشروط الأمنية.
وفي السياق ذاته، أعلن البرنامج خفض حصص المساعدات في السودان ابتداءً من يناير المقبل بسبب نقص التمويل، محذرًا من أن الموارد الحالية لا تكفي سوى لأربعة أشهر، حتى بعد تقليص الحصص إلى مستويات وُصفت بأنها الحد الأدنى للبقاء.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن إيصال المساعدات في مناطق سيطرة الدعم السريع بات محفوفًا بمخاطر جسيمة، في ظل استهداف قوافل إغاثة، وانتشار نقاط تفتيش مسلحة، ووجود طرق مزروعة بالألغام، إلى جانب شهادات عن نهب وتربص بالقوافل الإنسانية.
وقبل سقوط الفاشر، كانت المدينة قد عانت حصارًا وقصفًا متواصلين لأكثر من عام ونصف، ما أدى إلى انهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية. وكشفت تحليلات حديثة لصور الأقمار الصناعية عن غياب مؤشرات الحياة المدنية وحرية الحركة داخل المدينة.
وعقب السيطرة على الفاشر، توالت شهادات عن وقوع مجازر واسعة، مدعومة بمقاطع مصورة وتقارير دولية تحدثت عن عمليات قتل جماعي وعنف جنسي واعتقالات تعسفية. ولا يزال عدد الضحايا غير معروف بدقة، وسط تقديرات تشير إلى سقوط آلاف القتلى.
وتُعد الحرب في السودان من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم، إذ تسببت في نزوح نحو 12 مليون شخص ومقتل مئات الآلاف، وفق تقديرات غير رسمية، مع تصاعد الاتهامات باستخدام الحصار والتجويع والتعتيم الإعلامي كوسائل حرب ضد المدنيين.


