كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
حذّر خبير في شؤون الطاقة والعلاقات الدولية من التداعيات المحتملة لصفقة الغاز الموقعة بين مصر وإسرائيل، مؤكدًا أن هذه الاتفاقية قد تفرض أعباء استراتيجية واقتصادية طويلة الأمد على القاهرة، إذا لم تُدار بحسابات دقيقة تضمن الحفاظ على استقلال القرار الطاقي المصري.
وأوضح الخبير أن الصفقة تمثل امتدادًا لاتفاقات سابقة تهدف إلى استيراد الغاز من الحقول الإسرائيلية ونقله إلى مصر لإعادة تسييله وتصديره، مشيرًا إلى أن الظروف الإقليمية الحالية تختلف كثيرًا عن تلك التي وُقعت فيها الاتفاقات الأولى، وهو ما يستدعي إعادة تقييم شاملة لمكاسبها وتكلفتها الحقيقية.
وأضاف أن الاعتماد المتزايد على الغاز المستورد من طرف خارجي واحد، خاصة في قطاع حيوي كقطاع الطاقة، قد يؤدي إلى ربط أمن الطاقة المصري بتطورات سياسية وأمنية خارج الحدود، ما يحد من قدرة الدولة على المناورة في أوقات الأزمات أو التوترات الإقليمية. وأكد أن الطاقة لم تعد مجرد ملف اقتصادي، بل أصبحت أداة ضغط سياسي واستراتيجي تستخدمها الدول لتحقيق مصالحها.
وأشار الخبير إلى أن الصفقة، في حال توسعها أو تمديدها لفترات زمنية طويلة، قد تُضعف من فرص الاستثمار في تنمية الموارد المحلية من الغاز، وهو ما قد يؤثر سلبًا على خطط الاكتفاء الذاتي ويجعل السوق المحلي أكثر عرضة للتقلبات الخارجية. كما لفت إلى أن أي خلل في الإمدادات أو خلافات سياسية قد ينعكس بشكل مباشر على السوق المصري وأسعار الطاقة.
وفي سياق متصل، شدد على أهمية تنويع مصادر الطاقة وعدم الاعتماد على مورد واحد، داعيًا إلى تسريع وتيرة البحث والاستكشاف في الحقول المحلية، إلى جانب تعزيز الاستثمارات في مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، بما يضمن تحقيق توازن استراتيجي يقلل من المخاطر المستقبلية.
وأكد الخبير أن مصر تمتلك بنية تحتية قوية في مجال تسييل الغاز وموقعًا جغرافيًا مميزًا يؤهلها للعب دور محوري في سوق الطاقة الإقليمي، إلا أن هذا الدور يجب أن يُبنى على شراكات متوازنة تحمي المصالح الوطنية ولا تضع البلاد في موضع التبعية أو الضغط السياسي.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن أي اتفاقيات كبرى في قطاع الطاقة يجب أن تخضع لنقاش مجتمعي وخبراتي واسع، مع إعلان تفاصيلها بشفافية، لضمان تحقيق أقصى استفادة ممكنة للاقتصاد الوطني والحفاظ على الأمن القومي المصري في المدى الطويل.


