كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
في خطوة مفاجئة وواسعة الجدل، أقدم دونالد ترامب على إعلان عفو “كامل ومطلق” عن خوان أورلاندو هيرنانديز، الرئيس السابق لهندوراس، المدان عام 2024 في الولايات المتحدة بقضية تهريب ضخم للمخدرات.
«سأمنح عفواً كاملاً وشاملاً للرئيس السابق … الذي عومل بقسوة شديدة وبشكل غير عادل» — ترامب على حسابه في “تروث سوشال”.
الهجوم على هيرنانديز لم يكن عادياً. فقد حكم عليه بالسجن 45 عاماً بسبب دوره في شبكة ضخمة لتصدير الكوكايين إلى الولايات المتحدة، بدعم من كارتلات مخدرات كبيرة، ما حول بلاده إلى نقطة عبور أو “دولة مخدرات” — أو هكذا وصفته النيابة.
لكن العفو عن هيرنانديز جاء بينما أدار ترامب في الوقت نفسه جولة ضغط متصاعدة على نيكولاس مادورو، رئيس فنزويلا، متهمًا إياه بأنه زعيم عصابة تهريب مخدرات وإن الإرهاب «نارو-ترافيكي» (narco-terrorism)، وهدد بطرده من السلطة.
يقول محللون إن هذه الموازنة — عفو عن من أدين بتهريب مئات الأطنان من المخدرات، بينما يهاجم زعيماً آخر بتهمة مماثلة بل أشد — تُظهر التناقضات في استراتيجية “حرب المخدرات” لدى إدارة ترامب، وقد تثير تساؤلات حول دوافعها: هل هي سياسية أكثر منها أخلاقية أم قانونية؟
الانتقادات: تناقض بين العفو والملاحقة
محققون سابقون في DEA وصفوا العفو بأنه «ضربة لمصداقية» الحرب الأمريكية على المخدرات، خصوصًا حين يُقارن بالملاحقة الشرسة لمادورو.
نشطاء حقوقيون ولاّحظوا أن العفو يهدد حكم القضاء الأمريكي، ويُضعف رسالة ردع تهريب المخدرات.
من جهة أخرى، البيت الأبيض دافع عن قرار العفو، بزعم أن إدانة هيرنانديز اعتمدت بصورة كبيرة على شهادات متعاونين – وهي مبررات أثارت بدورها جدلاً قانونياً.
ما وضع مادورو؟ التصعيد وتبعاته
خلال الأسابيع الماضية، كثّفت الولايات المتحدة – بتوجيه من ترامب – ضغوطها على فنزويلا؛ أغلقت أجواء البلاد جوًّا، وهددت بضربات عسكرية، ووصفت جماعة مواصلة التجارة بـCartel of the Suns بأنها “منظمة إرهابية أجنب foreign terrorist organisation”.
المكالمة القصيرة بين ترامب ومادورو، كما نقلت مصادر، انتهت بمهلة منحها الأخير للرحيل من السلطة — مهلة انتهت رسميًا، بحسب الإدارة الأمريكية.
لكن مادورو رفض خروجه دون ضمانات: رفع العقوبات وكفالة قانونية له ولأسرته، وربما ضمان بعدم ملاحقة قضائية لاحقًا — ما رفضته واشنطن.
في هذه الأثناء، تستعد واشنطن لافتتاح “مرحلة جديدة” في ما أسميه ترامب “حرب المخدرات”: استهداف أوسع لقوارب ومهربين، وتوسيع الحملة خارج البحر أحيانًا.
لماذا هذا الخبر مهم؟
العفو عن هيرنانديز يثير جدلاً حول مصداقية مكافحة المخدرات: هل تُطبَّق معايير عادلة أو انتقائية؟
استخدام ملف المخدرات لتبرير ضغوط سياسية على دول مثل فنزويلا يُظهر كيف يمكن أن يصبح مكافحة المخدرات ستارًا لتدخلات سياسية.
الموازنة بين عقوبات صارمة وضغوط عسكرية من جهة — وعفو عن مدانين من جهة أخرى — قد تُضعف أي استراتيجية أميركية طويلة الأمد لمحاربة شبكات التهريب.
القرار يعكس علاقة معقدة بين سياسات خارجية، أمن، انتخابات داخلية في أمريكا وبين دول أمريكا اللاتينية.


