كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
كشفت تحركات أمريكية جديدة عن مساعٍ مكثفة لإسقاط ما وصفته بـ«القناع» عن جماعة الإخوان، عبر تتبع شبكات مالية واستثمارية معقدة، ورصد علاقات غير مباشرة تربط عناصر محسوبة على الجماعة بتنظيمات متطرفة، من بينها تنظيم داعش. هذه الخطوات تأتي في إطار مقاربة أمنية وسياسية أوسع تهدف إلى تجفيف منابع التمويل، وكشف البنية الحقيقية للتنظيمات التي تعمل تحت واجهات سياسية أو خيرية.
وبحسب ما جرى تداوله في دوائر أمريكية معنية بملفات مكافحة الإرهاب، فإن التحقيقات ركزت خلال الفترة الماضية على مسارات الأموال العابرة للحدود، والتي تمر عبر شركات واستثمارات ظاهرها تجاري أو خيري، بينما تُستخدم في الخفاء لدعم أنشطة مشبوهة. وتشير المعطيات إلى أن هذه الشبكات تعتمد على تشابك معقد بين رجال أعمال، ومؤسسات واجهة، وحسابات خارجية، ما يصعّب عملية تتبعها دون تنسيق دولي واسع.
التحرك الأمريكي لا يقتصر على الجانب المالي فقط، بل يمتد إلى تفكيك الروابط الأيديولوجية والتنظيمية التي سمحت، وفق التقديرات، بوجود تقاطعات بين فكر الإخوان وبعض التنظيمات المتطرفة. وترى الجهات المعنية أن هذه التقاطعات لا تعني بالضرورة تنسيقًا مباشرًا في كل الحالات، لكنها تكشف عن بيئة فكرية وتنظيمية ساعدت على نشوء علاقات غير مباشرة، أو على الأقل وفرت غطاءً استُغل لاحقًا من قبل جماعات أكثر عنفًا.
في هذا السياق، تعمل واشنطن على تحديث قوائم المراقبة، وتوسيع نطاق العقوبات لتشمل أفرادًا وكيانات يُشتبه في تورطها بتمويل أو تسهيل أنشطة متطرفة، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء. كما يجري تبادل معلومات مكثف مع شركاء دوليين، بهدف سد الثغرات القانونية والمالية التي استُغلت لسنوات في تمرير الأموال وإعادة تدويرها تحت مسميات مختلفة.
التحركات الأخيرة أعادت فتح النقاش داخل الأوساط السياسية والأمنية حول طبيعة جماعة الإخوان، وحدود الفصل بين نشاطها السياسي المعلن، وشبكاتها غير المرئية. ويرى مراقبون أن واشنطن تسعى من خلال هذه الخطوات إلى تقديم صورة أشمل للرأي العام الدولي، توضح فيها أن الخطر لا يكمن فقط في التنظيمات التي ترفع السلاح علنًا، بل أيضًا في البنى التي توفر لها الدعم المالي أو الغطاء الفكري.
في المقابل، تشير تقديرات إلى أن هذا المسار قد يواجه تحديات قانونية وسياسية، خاصة في ظل اختلاف مواقف الدول تجاه تصنيف الإخوان، وتباين الأطر القانونية التي تحكم عمل الجمعيات والمنظمات. ومع ذلك، تبدو الإدارة الأمريكية مصممة على المضي قدمًا، معتبرة أن كشف هذه الشبكات يمثل خطوة أساسية في استراتيجية أوسع لمكافحة التطرف العنيف.
الملف مرشح لمزيد من التصعيد خلال المرحلة المقبلة، خصوصًا مع اتساع نطاق التحقيقات، واحتمال ظهور معطيات جديدة تتعلق باستثمارات وأسماء لم تكن مطروحة من قبل. وبينما تتواصل التحركات خلف الكواليس، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى تأثير هذه الجهود على خريطة التنظيمات العابرة للحدود، وما إذا كانت ستنجح فعليًا في تجفيف منابع التمويل، أم ستدفع هذه الشبكات إلى البحث عن مسارات أكثر تعقيدًا وخفاءً.


