كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
يتوجه الناخبون التشيلينيون إلى صناديق الاقتراع في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية بعد عدم حسم النتيجة في الجولة الأولى، في منافسة حاسمة بين مرشحة اليسار جانيت جارا والمرشح اليميني المتشدد خوسيه أنطونيو كاست، وسط توقعات بأن يسفر التصويت عن أول فوز لليمين المتطرف في تشيلي منذ أكثر من ثلاثة عقود.
تأتي هذه الانتخابات في ظل انقسام سياسي واجتماعي حاد في البلاد بين من يطالب بسياسات أكثر تحفظًا لمواجهة الجريمة والهجرة، وبين من يسعى إلى استعادة برامج اجتماعية وتخفيف التوترات، ما يخلق حالة من الترقب الشديد حول مسار الحكم في تشيلي.
تفاصيل المنافسة الانتخابية
في الجولة الأولى من الانتخابات، حصلت جانيت جارا مرشحة الائتلاف اليساري على نسبة الأصوات الأعلى بفارق ضئيل، تلتها مباشرة خوسيه أنطونيو كاست الذي يمثل اليمين المتشدد، ما دفع بهما إلى جولة إعادة مقررة في 14 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
يركّز كاست حملته على مكافحة الجريمة المتصاعدة في تشيلي وإجراءات صارمة ضد الهجرة غير النظامية، كما يعد بسياسات قوية في الأمن والنظام، وهو ما يجذب ناخبين يشعرون بالقلق من تداعيات انتشار الجريمة والعصابات، لكن يُثير ذلك أيضًا مخاوف واسعة من عودة تشيلي إلى سياسات يمينية متشددة تشبه فترة حكم الديكتاتور أوغستو بينوشيه، خاصة في مناطق السكان الأصليين مثل المابوتشي الذين يخشون ازدياد القمع العسكري والتمييز.
من جانبها، تعد جارا بتركيز على القضايا الاجتماعية وتعزيز دور الدولة في مواجهة الضغوط الاقتصادية وتحسين مستويات المعيشة، لكنها تواجه تحديات كبيرة لتجاوز خطاب الأمن القومي القوي الذي تطالب به قطاعات واسعة من الناخبين الذين خرجوا إلى صناديق الاقتراع.
خلفية المخاوف من صعود اليمين المتطرف
يُنظر إلى السباق على أنه معركة بين قوى سياسية متباينة بشدة، حيث يشير محللون إلى أن ارتفاع معدلات الجريمة، والهجرة من دول الجوار، والخوف من الانفلات الأمني قد ساهم في جذب الدعم لفكرة يمينية صارمة تُقدّم نفسها كحل سريع للأزمات، بينما يخشى خصومهم من أن تؤدي هذه السياسات إلى تقويض الحقوق المدنية وتعميق الانقسامات الاجتماعية.
النتيجة النهائية لجولة الإعادة قد تشكّل منعطفًا تاريخيًا في السياسة التشيلية، سواء بتثبيت اليمين المتشدد في السلطة بعد عقود من الحكم الديمقراطي النسبي، أو باستمرار توجهات وسطية يسارية في إدارة شؤون البلاد وسط ضغوط داخل المجتمع.


