كتب : دينا كمال
مصدر: واشنطن تطلب من كييف سحب قواتها من دونيتسك ضمن اتفاق سلام
قال مسؤول مطّلع إن المفاوضين الأميركيين أبلغوا أوكرانيا، خلال محادثات السلام التي عُقدت في برلين، بضرورة الموافقة على سحب قواتها من منطقة دونيتسك شرقي البلاد، كجزء من أي اتفاق محتمل لإنهاء الحرب المستمرة منذ أربع سنوات.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن كييف طالبت بإجراء مزيد من المحادثات، فيما أشار مصدر ثانٍ مطلع على المفاوضات إلى أن عقبات كبيرة لا تزال قائمة، لا سيما فيما يتعلق بملف الأراضي. واختتم الوفدان الأوكراني والأميركي اليوم الثاني من المحادثات في العاصمة الألمانية.
وفي وقت لاحق، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للصحفيين أن الخلافات ما زالت مستمرة، واصفاً مسألة التنازل عن الأراضي بأنها “مؤلمة”.
وقال زيلينسكي: “إذا تحدثت بصراحة، لا تزال مواقفنا مختلفة”، مضيفاً أنه يعتقد أن الوسطاء الأميركيين قد يسهمون في التوصل إلى حل وسط.
وأشار إلى أن المفاوضين الأوكرانيين سيواصلون التشاور مع نظرائهم الأميركيين، مؤكداً أن بلاده بحاجة إلى فهم واضح للضمانات الأمنية، بما في ذلك آليات مراقبة وقف إطلاق النار، قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بخطوط المواجهة.
وأضاف: “لا أعتقد أن الولايات المتحدة تطالب بأي شيء”، موضحاً أن ما يُطرح بشأن الأراضي يُنظر إليه في كييف على أنه مطالب روسية تُنقل عبر الجانب الأميركي.
وفي المقابل، قال مسؤولون أميركيون للصحفيين إن نحو 90 بالمئة من القضايا المطروحة جرى الاتفاق عليها، رغم بقاء الخلافات المتعلقة بالأراضي. وأكد أحدهم أن هناك حلولاً متعددة ومختلفة لسد الفجوات المتبقية.
وكانت أوكرانيا قد شددت في وقت سابق على أنها لن تتنازل عن أراضٍ لروسيا، التي سيطرت على ما يقرب من 20 بالمئة من الأراضي الأوكرانية في الشرق والجنوب منذ الغزو الشامل في فبراير شباط 2022.
وقال مصدر أوروبي مطلع على أحدث المناقشات إن روسيا لم تُبدِ حتى الآن أي تراجع عن مطالبها الإقليمية، مضيفاً أن “الأجواء إيجابية، لكن الأهداف الجوهرية لا تزال متباعدة”.
ضغوط للتنازل عن أراضٍ
ويجري زيلينسكي في برلين محادثات مع جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى جانب المبعوث ستيف ويتكوف وقادة أوروبيين.
وتواجه كييف ضغوطاً متزايدة من ترامب لتقديم تنازلات لروسيا من أجل إنهاء أكثر الصراعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، والذي اندلع مع غزو موسكو لأوكرانيا عام 2022، رغم استمرار المسؤولين الأوكرانيين في إبداء تفاؤل حذر في تصريحاتهم العلنية.
وكتب رستم أوميروف، أمين عام مجلس الأمن والدفاع الوطني الأوكراني، على منصة “إكس” أن المفاوضات الأوكرانية الأميركية خلال اليومين الماضيين كانت “بناءة ومثمرة”، مع تحقيق تقدم ملموس.
وأضاف أن الفريق الأميركي يعمل بشكل إيجابي للمساعدة في إيجاد مسار يؤدي إلى اتفاق سلام دائم.
وفي سياق متصل، قال مسؤول أميركي إن الاتفاق الجاري بحثه في برلين يتضمن منح أوكرانيا ضمانات أمنية مماثلة لتلك المنصوص عليها في المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي، التي تلزم الحلف بالدفاع عن أي عضو يتعرض لهجوم، مع التحذير من أن هذه الضمانات قد لا تكون دائمة.
وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن موسكو منفتحة على انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وأن الرئيس ترامب يسعى إلى منع روسيا من التوسع غرباً، مؤكدين أن الخلافات بين الجانبين تقلصت بشكل كبير.
التنازل عن الأراضي والانضمام إلى الناتو
وقالت أوكرانيا، إنها مستعدة للتخلي عن طموح الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي مقابل الحصول على ضمانات أمنية غربية، دون اتضاح مدى التقدم المحرز في هذا الملف أو في القضايا الجوهرية الأخرى، مثل مستقبل الأراضي الأوكرانية وإمكانية إقناع روسيا بوقف إطلاق النار.
وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي يمثل قضية أساسية في أي تسوية سلمية محتملة، مشيراً إلى أن موسكو تتوقع إطلاعها على نتائج محادثات برلين.
وتقول روسيا إنها ضمت مناطق في شرق أوكرانيا، من بينها دونيتسك ولوغانسك وشبه جزيرة القرم، وهو ما ترفضه كييف وحلفاؤها الأوروبيون، علماً بأن القوات الروسية لا تسيطر بالكامل على جميع الأراضي التي تطالب بها موسكو.
رفض شعبي للتنازل
ويواجه زيلينسكي تحدياً داخلياً يتمثل في الضغوط الخارجية للتوصل إلى اتفاق، مقابل الحاجة إلى طرح تسوية تحظى بقبول شعبي. وأظهر استطلاع حديث أن ثلاثة أرباع الأوكرانيين يرفضون تقديم تنازلات كبيرة في إطار أي اتفاق سلام.
وبيّن الاستطلاع أن 72 بالمئة من الأوكرانيين قد يقبلون باتفاق يُجمّد خط الجبهة الحالي مع بعض التنازلات، في حين أكد 75 بالمئة أن أي خطة تميل لصالح روسيا دون ضمانات أمنية واضحة تُعد “غير مقبولة تماماً”.
أسبوع حاسم للدبلوماسية الأوروبية
وتأتي محادثات برلين في مستهل أسبوع مفصلي لأوروبا، إذ يُنتظر أن تبحث قمة للاتحاد الأوروبي، الخميس المقبل، إمكانية تقديم قرض كبير لأوكرانيا من الأصول الروسية المجمدة.
كما يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لمناقشة فرض عقوبات جديدة تستهدف ما يُعرف بأسطول الظل الروسي من ناقلات النفط، في ظل مساعٍ أوروبية لتوحيد الموقف تجاه التطورات الأخيرة.


