كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
ميامي، الولايات المتحدة – في محاولة لإيجاد مخرج دبلوماسي للصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا منذ 2022، شهدت مدينة ميامي الأمريكية جولات مفاوضات سرية بين ممثلين عن الإدارة الأمريكية والوفدين الروسي والأوكراني أدت إلى طرح مقترحات تسوية قد تضع مبدأ “الأرض مقابل السلام” في قلب الاتفاق المحتمل.
وفق ما أعلنته مصادر دولية عن وثيقة تفاوضية مبدئية مكونة من 28 نقطة نُوقشت بعيداً عن الإعلام، فإن الخطوط العريضة لما يسمى “وثيقة ميامي” تشير إلى أن أي حل شامل يجب أن يتناول مسألة الأراضي التي تسيطر عليها كل من طرفي النزاع، وأن الولايات المتحدة تسعى لتسوية يمكن أن تعترف بواقع السيطرة على الأرض كجزء من اتفاق السلام.
لكن هذه المقاربة أثارت تشكيكاً واسعاً حول ما إذا كانت كييف ستُضطر عملياً للتنازل عن سيادتها على أجزاء من أراضيها كمقابل لإنهاء الحرب، وهو ما يلقى رفضاً صريحاً في الداخل الأوكراني.
خطة السلام الأمريكية وضغوط التنازل
وسائط دبلوماسية غربية ذكرت أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضعت على الطاولة خطة سلام تقترح تنازلات إقليمية من أوكرانيا تشمل سحب القوات من بعض المناطق التي تسيطر عليها وإنشاء “منطقة اقتصادية حرة” في دونباس، بينما تبقى موسكو في مواقع سيطرتها الفعلية في أجزاء من الجنوب والشرق.
هذه الضغوط تأتي في سياق رغبة واشنطن في توفير دفع سياسي لإنهاء الحرب قبل نهاية العام، خصوصاً مع تزايد الضغط الداخلي الأميركي للحد من الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا، لكن موقف كييف ظل قوياً ضد أي تنازل عن الأراضي دون موافقة الشعب الأوكراني عبر استفتاء، وفق تصريحات رسمية للرئيس فولوديمير زيلينسكي.
موقف كييف ومخاوف داخلية
زيلينسكي أكد في أكثر من مناسبة أن أي تسوية تتعلق بتنازل عن أراضٍ لن تكون مقبولة إلا إذا قررها الشعب الأوكراني مباشرة عبر استفتاء عام أو انتخابات حرة، في إشارة إلى رفض خارجي لقرارات تُفرض من “خارطة طريق” دون مشاركة شعبية.
ومع ذلك، يرى محللون أن الضغوط الأميركية جزء من تسوية أوسع يمكن أن تُفرض على كييف في المستقبل إذا تبلورت توازنات القوى على الأرض أو تراجعت المساعدات الغربية، وهو ما يثير قلقاً كبيراً في الدوائر السياسية والشعبية داخل أوكرانيا حول سيادة الدولة ووحدة أراضيها.
ردود الفعل الدولية والميدانية
على مستوى المواقف الدولية، تباينت الردود بين مؤيد لتسريع التوصل إلى اتفاق وإعادة الاستقرار في أوروبا، وبين قلق من أن أي “حل تسوية” يتضمن تنازلات إقليمية قد لا يكون عادلاً ولا مستداماً، وقد يفضي إلى استعادة موسكو لمزيد من النفوذ على الحدود الأوروبية الشرقية.
في الميدان، تستمر العمليات العسكرية بوتيرة عالية، مع تقارير عن تصعيد روسي في بعض الجبهات، مما يضيف ضبابية على فرص التوصل إلى اتفاق سلام سريع في ظل استمرار الضغط الأميركي على كييف للتنازل عن بعض الأراضي.


