كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
تشهد القارة الأفريقية تصاعدًا ملحوظًا في نشاط الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، مع توسّع رقعة نفوذهما وازدياد هجماتهما في مناطق واسعة من الساحل وغرب وشرق إفريقيا، مما يعيد إشعال التنافس الدموي بين الفصيلين على السيطرة والشرعية داخل الشبكات الجهادية في القارة.
وترتبط جماعات القاعدة في أفريقيا بعدد من الفروع القوية، من بينها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) في الساحل، والحركة الشبابية الصومالية في شرق القارة، بينما يعتمد تنظيم داعش على فروع إقليمية منتشرة مثل تنظيم الدولة في غرب إفريقيا وفي الساحل وأخرى في موزمبيق والصومال، في خطوة تعكس استراتيجية التنظيمين في تمديد أهدافهما واستغلال الثغرات الأمنية في دول ضعيفة المؤسسات.
وفق تحليلات أمنية، فإن ضعف الاستقرار السياسي والأمني في عدد من دول أفريقيا، إضافة إلى المناطق الحدودية الضعيفة المراقبة، والصراعات المحلية الممتدة، توفر أرضية خصبة لعمليّات التجنيد، التدريب، والتموضع للجماعات المسلحة. وقد كشفت تقارير تقديرات لعدد العناصر المرتبطين بداعش في غرب إفريقيا يصل إلى ما بين 8 إلى 12 ألف مقاتل موزّعين على فروع متعددة تعمل على توسيع نطاقها وتنفيذ هجمات في بلدان مثل نيجيريا، النيجر، الكاميرون، أوغندا وحتى الكونغو الديموقراطية.
في الوقت نفسه، تشهد مناطق مثل شمال بنين بؤرة جديدة للتنافس بين الفصائل، حيث يؤكد نشطاء ومحللون أن اشتباكات بين فروع من القاعدة وتنظيم الدولة أسفرت عن توسع نفوذ كل منهما مع تصاعد الهجمات على المدنيين وقوات الأمن، وهو ما يعكس تصاعد الصراع على النفوذ والتمركز في تلك المناطق.
هذا التنافس لا يقتصر فقط على التموضع العسكري، بل يمتد إلى السعي لفرض تفسيرات أيديولوجية مختلفة ومحاولة استقطاب الولاءات داخل المجتمعات المحلية، ما يجعل التحديات الأمنية أكثر تعقيدًا بالنسبة للدول الأفريقية والقوى الدولية التي تكافح الإرهاب. وتؤكد مؤسسات بحثية ودولية أن الظاهرة ظهرت بوضوح خلال 2025 مع تزايد الهجمات وتوسع الفروع الإقليمية للجماعتين في إفريقيا.
وتحذر تقارير مختصة من أن غياب الحكومات القوية ونقص التنسيق الأمني الإقليمي، إلى جانب العوامل الاقتصادية والاجتماعية، قد يساهم في زيادة نشاط تلك التنظيمات في السنوات القادمة، مما يعيد أفريقيا إلى واجهة المنافسة بين القاعدة وداعش في سياق أوسع يتجاوز النزاعات المحلية.


