كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
سجلت أسعار الذهب عالميًا اليوم استقرارًا مائلًا للصعود، مع استمرار المعدن الأصفر في التحرك قرب مستويات مرتفعة تاريخيًا، مدعومًا بحالة الحذر التي تسيطر على الأسواق العالمية، وتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي والسياسي الدولي.
وبحسب تعاملات اليوم، جرى تداول سعر أونصة الذهب في السوق العالمية قرب مستوى 4530 إلى 4535 دولارًا، مع تحركات محدودة صعودًا وهبوطًا خلال الجلسات، في ظل ترقب المستثمرين لأي إشارات جديدة تتعلق بأسعار الفائدة الأمريكية وقوة الدولار. ويعكس هذا المستوى المرتفع استمرار الثقة في الذهب كأداة تحوط رئيسية في أوقات عدم اليقين.
ويعود هذا الأداء القوي للذهب إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها تراجع الدولار الأمريكي نسبيًا أمام عدد من العملات الرئيسية، وهو ما يجعل الذهب أكثر جاذبية لحائزي العملات الأخرى. كما ساهمت توقعات الأسواق باتجاه البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى تبني سياسة نقدية أكثر مرونة خلال الفترة المقبلة، في دعم أسعار المعدن النفيس، نظرًا لانخفاض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب مقارنة بالأصول ذات العائد.
كذلك تلعب التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في عدد من المناطق حول العالم دورًا محوريًا في تعزيز الطلب على الذهب، حيث يلجأ المستثمرون عادة إلى الأصول الآمنة لحماية رؤوس أموالهم من التقلبات الحادة والمخاطر غير المتوقعة. إلى جانب ذلك، واصلت بعض البنوك المركزية العالمية زيادة احتياطياتها من الذهب ضمن استراتيجيات تنويع الأصول وتقليل الاعتماد على الدولار، وهو ما وفر دعمًا إضافيًا للأسعار.
وعلى مستوى الأسعار التفصيلية، بلغ متوسط سعر جرام الذهب عيار 24 عالميًا نحو 145 إلى 146 دولارًا، بينما سجل جرام الذهب عيار 22 نحو 133 إلى 134 دولارًا. أما جرام الذهب عيار 21، الأكثر تداولًا في عدد من الأسواق، فقد بلغ حوالي 127 إلى 128 دولارًا، وهي مستويات تعكس الارتفاع الكبير الذي شهده المعدن النفيس خلال الأشهر الماضية.
ويرى محللون أن الذهب قد يواصل التحرك في نطاقات مرتفعة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع استمرار حالة الترقب في الأسواق العالمية، وعدم وضوح الرؤية بشأن مسار الاقتصاد العالمي والتضخم وأسعار الفائدة. وفي المقابل، لا يستبعد الخبراء حدوث بعض عمليات جني الأرباح على المدى القصير، إلا أنها قد تبقى محدودة طالما ظلت العوامل الداعمة قائمة.
وفي المجمل، يؤكد الأداء الحالي للذهب أنه لا يزال أحد أهم الأصول الدفاعية في المحافظ الاستثمارية العالمية، مع احتفاظه بجاذبيته في مواجهة التقلبات الاقتصادية والسياسية. ويترقب المستثمرون خلال الأيام المقبلة أي بيانات اقتصادية أو قرارات نقدية قد ترسم ملامح الاتجاه القادم لأسعار الذهب في الأسواق العالمية.


