تحولت مناقشات ميزانية الدولة الفرنسية لعام 2026 إلى أزمة سياسية حادة داخل البرلمان المنقسم بشدة، بعدما فشل النواب في التوصل إلى اتفاق على الخطة المالية قبل نهاية العام، مما اضطر السلطات إلى الاقتراض من قانون طارئ يمكّن الحكومة من الاستمرار حتى يناير 2026 دون ميزانية كاملة.
وأضعف هذا الجمود شعبية قادة يمين الوسط مثل رئيس الوزراء الأسبق إدوار فيليب وزعيم حزب “الجمهوريين” برونو ريتايو، الذين حاولا ترسيخ صورتهما كمدافعين عن الاستقرار المالي من خلال المفاوضات الشاقة حول خفض الإنفاق العام والسيطرة على العجز، لكنه ألحق بهما ضربات في استطلاعات الرأي.
ويشير محللون إلى أن انعكاس هذا المأزق السياسي يخدم الأجندة الخاصة باليمين المتطرف في فرنسا، لا سيما حزب “التجمع الوطني” الذي يقوده ممثل عن اليمين المتطرف، إذ يبدو أكثر قدرة على استقطاب الناخبين من خارج دوائر السياسة التقليدية، وسط تراجع ثقة الجمهور في قيادة يمين الوسط الحاكمة.
وتعكس الأزمة جوانب أعمق من الانقسامات الداخلية في البرلمان الفرنسي، حيث لم ينجح النواب في الاتفاق على تخفيضات الإنفاق أو زيادات الضرائب الضرورية لخفض عجز الميزانية، مما دفع الحكومة إلى اللجوء إلى تشريع مؤقت لتفادي إغلاق الدولة مع بداية العام الجديد في انتظار استكمال مناقشات الميزانية في يناير المقبل.
في الوقت نفسه، يبقى السؤال المعلق حول ما إذا كان بإمكان زعماء يمين الوسط تحويل هذه الأزمة المالية والسياسية إلى مصلحة لهم في انتخابات 2027 المقبلة، أم أن الأثر السلبي على صورتهم سيعزّز من فرص متزعمي التيارات المتطرفة في التقدم على الساحة السياسية الفرنسية.


