كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
صعّد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من لهجته تجاه وسائل الإعلام، موجهًا اتهامات حادة لإحدى أبرز الصحف الأمريكية، واصفًا إياها بأنها «عدو حقيقي» وتشكل «تهديدًا مباشرًا للأمن القومي للولايات المتحدة»، في تصريح أثار جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والإعلامية.
وجاءت تصريحات ترامب في سياق هجومه المتكرر على الإعلام التقليدي، الذي اعتاد اتهامه بتشويه الحقائق ونشر معلومات مضللة تهدف، بحسب وصفه، إلى تقويض الثقة في مؤسسات الدولة والتأثير على الرأي العام الأمريكي. وأكد أن ما تنشره بعض وسائل الإعلام لا يندرج ضمن حرية الصحافة، بل يتجاوزها إلى الإضرار بالمصالح الوطنية.
وأشار ترامب إلى أن تسريبات وتقارير صحفية تتناول ملفات حساسة، خاصة المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية، قد تضر بالولايات المتحدة وتمنح خصومها معلومات تخدم أجنداتهم. وأضاف أن مثل هذه الممارسات، على حد تعبيره، تضع الإعلام في مواجهة مباشرة مع الدولة ومصالحها الاستراتيجية.
الهجوم الأخير أعاد إلى الواجهة الصراع القديم بين ترامب ووسائل الإعلام الكبرى، والذي بدأ منذ حملته الانتخابية الأولى، حين دأب على وصف بعض المؤسسات الإعلامية بأنها «أخبار كاذبة»، متهمًا إياها بالتحيز السياسي والعمل ضد إدارته. وخلال فترة رئاسته، شهدت العلاقة بين البيت الأبيض والصحافة توترًا غير مسبوق، وصل في بعض الأحيان إلى حد منع صحفيين من حضور مؤتمرات رسمية.
في المقابل، يرى منتقدو ترامب أن تصريحاته تمثل محاولة للضغط على الإعلام وتقييد دوره الرقابي، معتبرين أن الهجوم على الصحافة يهدد أحد ركائز الديمقراطية الأمريكية، والمتمثلة في حرية التعبير وحق الجمهور في الوصول إلى المعلومات. ويؤكد هؤلاء أن نشر التحقيقات والتقارير النقدية يندرج ضمن الدور الطبيعي للصحافة، حتى وإن تضمن كشف إخفاقات أو تجاوزات السلطة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه المشهد السياسي الأمريكي حالة من الاستقطاب الحاد، مع اقتراب استحقاقات انتخابية مهمة، حيث يستخدم ملف الإعلام وحرية التعبير كأداة في الصراع السياسي بين التيارات المختلفة. ويرى مراقبون أن تصريحات ترامب تهدف أيضًا إلى حشد أنصاره وتعزيز روايته حول وجود «مؤسسات معادية» تعمل ضده وضد توجهاته.
ويُتوقع أن تثير هذه التصريحات ردود فعل واسعة، سواء من المؤسسات الصحفية أو من شخصيات سياسية وحقوقية، خاصة في ظل حساسية الربط بين العمل الصحفي ومفهوم الأمن القومي. وبينما يستمر الجدل، يبقى الصراع بين ترامب والإعلام أحد أبرز ملامح المشهد السياسي الأمريكي في السنوات الأخيرة، مع تأثيرات تتجاوز حدود الولايات المتحدة إلى النقاش العالمي حول دور الصحافة وحدودها.


