كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقفه من مشاركة تركيا في القوة الدولية المقترحة لاستقرار قطاع غزة، واضعًا شرطًا أساسيًا يتمثل في حصول هذه المشاركة على موافقة إسرائيل الصريحة والمسبقة، في خطوة تعكس استمرار التحفظات الإسرائيلية تجاه أي وجود تركي في ترتيبات ما بعد الحرب.
وبحسب ما تداوله مسؤولون مطلعون على المباحثات الجارية، فإن نتنياهو أبلغ شركاءه الدوليين أن إسرائيل لن تقبل بانضمام أي طرف إلى قوة الاستقرار، بما في ذلك تركيا، ما لم يكن ذلك خاضعًا لقرار إسرائيلي مباشر يراعي الاعتبارات الأمنية لتل أبيب. وأكد أن قطاع غزة يمثل منطقة حساسة من الناحية الاستراتيجية، وأن أي ترتيبات أمنية فيه يجب أن تكون منسجمة مع المصالح الأمنية الإسرائيلية.
ويأتي هذا الموقف في ظل نقاشات دولية مكثفة حول شكل القوة المقترحة التي يُفترض أن تتولى مهام حفظ الأمن والمساعدة في إدارة المرحلة الانتقالية في غزة، عقب وقف إطلاق النار. وتسعى أطراف دولية إلى إشراك عدد من الدول الإقليمية في هذه القوة، من بينها تركيا، في إطار جهود تثبيت التهدئة ومنع تجدد المواجهات.
وكان نتنياهو قد عبّر في فترات سابقة عن رفضه القاطع لأي دور تركي داخل قطاع غزة، معتبرًا أن العلاقات المتوترة بين إسرائيل وأنقرة، إضافة إلى مواقف تركيا الداعمة للفلسطينيين، تجعل مشاركتها غير مقبولة من وجهة النظر الإسرائيلية. إلا أن حديثه الأخير أظهر مرونة مشروطة، دون أن يصل إلى حد القبول المطلق.
وترى إسرائيل أن أي قوة دولية ستعمل في غزة يجب أن تركز على منع إعادة تسلح الفصائل الفلسطينية، وضمان عدم استخدام القطاع كنقطة تهديد لأمنها، وهو ما يفسر تشددها في اختيار الأطراف المشاركة في هذه القوة، وحصر القرار النهائي بيدها وبالتنسيق مع حلفائها.
من جانبها، كانت تركيا قد أعلنت في وقت سابق استعدادها للمشاركة في قوة دولية تُسهم في استقرار غزة ودعم إعادة الإعمار، مؤكدة أن وجودها يمكن أن يساعد في حماية المدنيين الفلسطينيين ودعم مسار سياسي يفضي إلى تهدئة طويلة الأمد. غير أن هذا الطرح قوبل بتحفظ إسرائيلي واضح.
وتأتي هذه التطورات في سياق التحضير للمرحلة التالية من التفاهمات الخاصة بوقف إطلاق النار في غزة، والتي تشمل ترتيبات أمنية وإدارية معقدة، وسط خلافات عميقة بين الأطراف حول هوية الجهات التي ستتولى إدارة الأمن والاستقرار في القطاع.
ومع استمرار المفاوضات، يبقى ملف مشاركة تركيا في قوة استقرار غزة محل جدل سياسي ودبلوماسي، في انتظار ما ستسفر عنه الاتصالات الدولية من صيغ توافقية قد تعيد رسم ملامح الدور الإقليمي في مرحلة ما بعد الحرب.


