كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
طالب الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وزارة العدل الأمريكية بنشر جميع الملفات المتعلقة بقضية رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين بشكل كامل ودون أي تنقيح، مؤكدًا أن الشفافية الكاملة وحدها هي السبيل لإنهاء الجدل الواسع الذي يحيط بالقضية منذ سنوات، ووضع حد لحالة الشكوك المتزايدة داخل الرأي العام الأمريكي.
وجاءت مطالبات كلينتون في بيان صادر عن مكتبه، شدد فيه على ضرورة الإفراج عن أي وثائق أو مستندات أو مذكرات تحقيق تتضمن اسمه أو تشير إليه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، معتبرًا أن النشر الجزئي أو المنقح للملفات يفتح الباب أمام التأويلات والشائعات، ويقوض ثقة المواطنين في مؤسسات العدالة الأمريكية.
وأكد البيان أن كلينتون لا يعارض نشر الملفات، بل يطالب به بشكل صريح وكامل، طالما تم ذلك في إطار يحمي خصوصية الضحايا ويمنع تعريضهم لأي أذى إضافي. وأضاف أن إبقاء أجزاء من الوثائق محجوبة يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هناك معلومات يتم إخفاؤها عن الرأي العام، وهو ما يتعارض مع مبدأ الشفافية الذي يفترض أن يحكم عمل وزارة العدل.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه وزارة العدل الأمريكية انتقادات سياسية وإعلامية حادة بسبب ما وصفه نواب ومنظمات حقوقية بأنه إفراج “جزئي ومنقوص” عن ملفات إبستين، رغم صدور تشريع يلزم بنشر الوثائق المرتبطة بالقضية. ويرى منتقدو الوزارة أن التنقيحات الواسعة التي طالت الأسماء والمحتوى الأساسي أفقدت عملية النشر قيمتها الحقيقية، وحولتها إلى خطوة شكلية لا تلبي مطالب الرأي العام.
وفي السياق ذاته، أعرب عدد من ضحايا إبستين عن استيائهم من طريقة التعامل مع الملف، معتبرين أن الحقيقة الكاملة لم تظهر بعد، وأن النشر الانتقائي يعيد فتح جراح قديمة دون تقديم إجابات واضحة أو محاسبة حقيقية للمسؤولين والمتورطين المحتملين.
من جانبها، دافعت وزارة العدل عن إجراءاتها، مؤكدة أن بعض التنقيحات جاءت بهدف حماية الضحايا والشهود، أو بسبب ارتباط أجزاء من الوثائق بتحقيقات أخرى لا تزال جارية. وشددت على أن عملية النشر تتم وفق القانون، وأنها لا تستهدف حماية أي شخصية عامة أو سياسية.
وتحظى قضية إبستين بحساسية خاصة في الولايات المتحدة، نظرًا لتشعب علاقاته بشخصيات نافذة في السياسة والاقتصاد والإعلام، وهو ما جعلها محط اهتمام دائم منذ وفاته داخل السجن عام 2019 أثناء انتظاره المحاكمة بتهم تتعلق بالاتجار الجنسي بالقاصرات.
ويرى مراقبون أن مطالبة بيل كلينتون بالكشف الكامل عن الملفات تمثل تطورًا لافتًا، من شأنه أن يزيد الضغط على وزارة العدل ويدفع نحو تسريع الإفراج عن الوثائق دون استثناءات، في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي إزاء أي مظهر من مظاهر التعتيم أو الغموض.
وبين دعوات الشفافية الكاملة وتحفظات الجهات الرسمية، تبقى قضية إبستين واحدة من أكثر الملفات إثارة للجدل في التاريخ القضائي الأمريكي الحديث، وسط ترقب واسع لما ستسفر عنه الأيام المقبلة من قرارات قد تعيد رسم ملامح التعامل مع هذه القضية الشائكة.


