كتب : دينا كمال
هواتف سامسونغ لا تُصنَّع حيث يعتقد الكثيرون
قد يعتقد كثيرون أن معظم هواتف سامسونغ الذكية تُصنَّع في كوريا الجنوبية، موطن الشركة الأم، غير أن هذا الاعتقاد غير دقيق. ويذهب آخرون إلى ترجيح الصين باعتبارها “مصنع العالم”، لكن هذا الافتراض لا يعكس الصورة الكاملة أيضًا.
ورغم أن سامسونغ لها وجود تصنيعي في البلدين، إلا أن طبيعة هذا الوجود تختلف؛ إذ يقتصر دور كل منهما على فئات محددة من الأجهزة، كما أن الشركة لا تمتلك حاليًا مصانع خاصة بها في الصين.
آلية تصنيع الهواتف الذكية
تعتمد غالبية شركات الهواتف الذكية على نموذج يقوم على تصميم الأجهزة وأنظمتها، ثم إسناد عملية التصنيع إلى شركاء متخصصين، كما تفعل شركات مثل أبل وغوغل. وتقوم شركات خدمات تصنيع الإلكترونيات، مثل فوكسكون، بعمليات التجميع النهائية.
أما سامسونغ، فتتبنى نموذجًا مختلفًا، حيث تُعد من أكثر الشركات تكاملًا رأسيًا في قطاع الهواتف الذكية. فهي لا تكتفي بتصميم أجهزتها، بل تشارك في تصنيع عدد كبير من المكونات الأساسية.
وتنتج سامسونغ شاشات تُعد من الأفضل في السوق، إلى جانب رقائق الذاكرة، ومعالجات “إكسينوس”، ومستشعرات الكاميرات، والبطاريات، كما تبيع هذه المكونات لمنافسين آخرين، من بينهم شركات تعتمد على شاشاتها في أحدث هواتفها.
ومع ذلك، لا تعتمد سامسونغ على تصنيع جميع المكونات داخليًا، إذ تستخدم في بعض الطرازات معالجات من كوالكوم وزجاجًا واقيًا من شركات متخصصة، لكنها تظل مسؤولة عن إنتاج أهم وأغلى الأجزاء.
خريطة تصنيع هواتف سامسونغ
تنتج سامسونغ نحو 230 مليون هاتف سنويًا، ما يجعلها أكبر علامة تجارية لهواتف أندرويد عالميًا. ويتوزع هذا الإنتاج على عدة دول.
في فيتنام، يتم تصنيع قرابة نصف هواتف غالاكسي، حيث تُعد البلاد مركز التصنيع الرئيسي للشركة، وتغذي الأسواق الأوروبية والأميركية الشمالية. وقد تجاوز إنتاج المصانع الفيتنامية ملياري هاتف منذ بدء تشغيلها في 2009.
أما الهند، فتضم أكبر مصنع للهواتف الذكية في العالم، بطاقة إنتاجية تصل إلى 120 مليون وحدة سنويًا. ورغم أن الهدف الأول كان تلبية الطلب المحلي، تحولت الهند إلى مركز تصدير رئيسي للأسواق الغربية.
وفي كوريا الجنوبية، يقتصر الإنتاج على أعداد محدودة، لا تتجاوز 20 مليون وحدة سنويًا، مع تركيز خاص على الهواتف الرائدة والأجهزة المخصصة للسوق المحلية.
كما تمتلك سامسونغ مصانع في البرازيل وإندونيسيا لتلبية الطلب المحلي وتجاوز الرسوم الجمركية المرتفعة، مستفيدة من الأسواق الكبيرة في البلدين.
الصين والتعهيد الخارجي
انسحبت سامسونغ من التصنيع المباشر في الصين عام 2019 بعد إغلاق آخر مصانعها، إلا أن جزءًا من هواتفها لا يزال يُصنَّع هناك عبر شركات خارجية تُعرف بمصنعي التصميم الأصلي (ODMs).
ويُقدَّر أن نحو 25% من إنتاج سامسونغ السنوي يتم من خلال هذه الشركات، التي تتولى تصميم الهاتف وتجميعه وفق مواصفات تحددها سامسونغ، قبل أن تخضع المنتجات لمراجعة دقيقة لضمان الجودة.
ويُستخدم هذا الأسلوب بشكل أساسي في الطرازات الاقتصادية، ما يتيح للشركة الحفاظ على أسعار تنافسية في مواجهة الشركات الصينية، والاستفادة من وفورات الإنتاج الضخم.
أسباب تنوع مواقع التصنيع
يعود انتشار التصنيع في عدة دول إلى اعتبارات استراتيجية، أبرزها تقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على موقع واحد، سواء بسبب الكوارث الطبيعية أو الاضطرابات العمالية.
كما يسهم التصنيع المحلي في خفض التكاليف وتجنب الرسوم الجمركية المرتفعة، إضافة إلى تسريع وصول المنتجات للأسواق المستهدفة، والاستفادة من الحوافز الحكومية.
إلى جانب ذلك، يمنح هذا التنوع الشركات مرونة أكبر في مواجهة الحروب التجارية، من خلال نقل الإنتاج بين الدول وفق المتغيرات الاقتصادية والسياسية.


