كتب : دينا كمال
دمشق و«قسد» تكثفان الجهود لإنقاذ اتفاق الدمج قبل نهاية المهلة
قال مشاركون ومطلعون على محادثات دمج القوات الكردية مع مؤسسات الدولة السورية إن مسؤولين سوريين وأكرادًا، بدعم أمريكي، يسعون إلى إظهار تقدم في اتفاق متعثر قبل حلول المهلة المحددة بنهاية العام.
وأفادت مصادر سورية وكردية وغربية بأن وتيرة المناقشات تسارعت خلال الأيام الماضية، رغم تصاعد الإحباط بسبب التأخير المستمر، محذرة في الوقت ذاته من أن التوصل إلى اختراق كبير لا يزال غير مرجح.
وأوضح خمسة مصادر أن الحكومة السورية الانتقالية قدمت مقترحًا إلى قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد وتسيطر على مناطق واسعة في شمال شرق البلاد.
وأشار مسؤول سوري ومسؤول غربي وثلاثة مسؤولين أكراد إلى أن المقترح يتضمن استعداد دمشق للسماح لقوات سوريا الديمقراطية بإعادة تنظيم نحو 50 ألف مقاتل ضمن ثلاث فرق رئيسية وألوية أصغر، شريطة التخلي عن بعض هياكل القيادة وفتح المناطق التي تسيطر عليها أمام وحدات أخرى من الجيش السوري.
ولم تتضح بعد فرص المضي قدمًا في هذه الصيغة، حيث قللت عدة مصادر من احتمالات التوصل إلى اتفاق شامل في اللحظات الأخيرة، مؤكدة أن الأمر يتطلب جولات إضافية من المحادثات. ومع ذلك، قال مسؤول في قوات سوريا الديمقراطية إن الطرفين «أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى».
وأضاف مسؤول غربي ثانٍ أن أي إعلان محتمل خلال الأيام المقبلة قد يهدف جزئيًا إلى «حفظ ماء الوجه» وتمديد المهلة، بما يسهم في الحفاظ على الاستقرار داخل دولة لا تزال هشة بعد مرور عام على سقوط الرئيس السابق بشار الأسد.
وأوضحت معظم المصادر أن أي نتائج لهذه الجهود من غير المتوقع أن ترقى إلى مستوى الاندماج الكامل لقوات سوريا الديمقراطية في الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى بحلول نهاية العام، وهو ما نص عليه اتفاق تاريخي أُبرم بين الجانبين في العاشر من مارس الماضي.
وحذرت المصادر من أن فشل معالجة هذا الخلاف العميق قد يؤدي إلى اندلاع صدام مسلح جديد، ما يهدد مسار تعافي سوريا بعد حرب استمرت 14 عامًا، وقد يدفع تركيا المجاورة إلى التدخل ضد المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم أنقرة كمنظمات إرهابية.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بالتباطؤ وسوء النية، إذ ترفض قوات سوريا الديمقراطية التخلي عن الحكم الذاتي الذي حصلت عليه بصفتها الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والتي انتهت بسيطرتها على السجون التي تضم عناصر التنظيم وعلى موارد نفطية مهمة.
وقالت عدة مصادر إن الولايات المتحدة، التي تدعم الرئيس السوري أحمد الشرع وتسعى إلى حشد دعم دولي للحكومة الانتقالية، لعبت دور الوسيط من خلال نقل الرسائل بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية وتسهيل المحادثات والدفع نحو التوصل إلى اتفاق.
ولم يصدر تعليق رسمي من وزارة الخارجية الأمريكية بشأن الجهود المكثفة المبذولة في اللحظات الأخيرة قبل انتهاء المهلة.
ومنذ تعثر جولة رئيسية من المحادثات خلال الصيف الماضي، شهدت مناطق الشمال تصاعدًا في التوترات، شمل اشتباكات متكررة على عدد من خطوط التماس.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية منذ عام 2019 على مساحات واسعة من شمال شرق سوريا تضم معظم إنتاج البلاد من النفط والقمح، بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية. وبينما تقول القوات إنها أنهت عقودًا من القمع بحق الأكراد، تصاعد الاستياء بين السكان ذوي الغالبية العربية، خاصة بسبب التجنيد الإجباري.
وأكد مسؤول سوري أن الموعد النهائي للاندماج بنهاية العام لا يمكن تمديده إلا في حال اتخاذ «خطوات لا رجعة فيها» من جانب قوات سوريا الديمقراطية.
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن بلاده لا ترغب في اللجوء إلى الخيار العسكري، لكنه حذر من أن صبر أنقرة تجاه قوات سوريا الديمقراطية «بدأ ينفد».
في المقابل، قلل مسؤولون أكراد من أهمية الإطار الزمني، مؤكدين التزامهم بمواصلة الحوار للوصول إلى اندماج عادل. وقال سيهانوك ديبو، المسؤول في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إن الضمان الحقيقي لاستمرار الاتفاق يكمن في مضمونه وليس في مدته الزمنية، مشيرًا إلى أن معالجة جميع بنوده قد تمتد حتى منتصف عام 2026.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد طرحت في أكتوبر الماضي خطة لإعادة تنظيم نفسها في ثلاث فرق جغرافية وألوية أصغر. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا الطرح كافيًا لإقناعها بالتخلي عن السيطرة المباشرة على الأراضي.
وقال عبد الكريم عمر، ممثل الإدارة الذاتية في دمشق، إن المقترح غير المعلن يتضمن تفاصيل لوجستية وإدارية قد تثير خلافات وتؤدي إلى مزيد من التأخير، فيما أكد مسؤول سوري كبير أن الرد السوري اتسم بالمرونة بهدف تسهيل تنفيذ اتفاق مارس.


