كتب : دينا كمال
دراسة تكشف مفاجآت عن الدهون المشبعة وصحة القلب
كشفت مراجعة علمية واسعة النطاق نتائج غير متوقعة بشأن تأثير الدهون المشبعة على صحة القلب والأوعية الدموية، بعد تحليل بيانات مستخلصة من عشرات الدراسات السريرية التي شملت مئات الآلاف من المشاركين.
وعلى مدى عقود، تعرضت الدهون المشبعة الموجودة في الزبدة والجبن واللحوم الحمراء لانتقادات حادة، إذ ارتبطت بزيادة خطر انسداد الشرايين والنوبات القلبية والسكتات الدماغية، واعتُبر الإفراط في تناولها عاملا رئيسيا لتدهور صحة القلب.
غير أن الباحثين توصلوا إلى أن تقليل استهلاك الدهون المشبعة لا يؤدي بالضرورة إلى خفض معدلات الوفاة لدى معظم الأشخاص، بينما قد يحقق فائدة ملحوظة لدى الفئات الأكثر عرضة لمخاطر أمراض القلب.
وفي مراجعة حديثة، قام فريق البحث بتحليل بيانات أكثر من 66 ألف مشارك ضمن 17 تجربة غذائية استمرت لمدة عامين على الأقل، جرى خلالها مقارنة أنظمة غذائية منخفضة الدهون المشبعة ببدائل غذائية مختلفة.
وأظهرت النتائج أن خفض الدهون المشبعة لم يحقق فائدة واضحة للأشخاص ذوي المخاطر القلبية المنخفضة أو المتوسطة خلال فترة متابعة امتدت لنحو خمس سنوات.
في المقابل، بيّنت البيانات أن الفوائد ظهرت بشكل أكبر لدى الأفراد ذوي المخاطر المرتفعة، خاصة عند استبدال الدهون المشبعة بالدهون المتعددة غير المشبعة، وليس الاكتفاء بتقليل الدهون وحده.
ورغم أن تقليل الدهون المشبعة أدى إلى انخفاض مستويات الكوليسترول الكلي والكوليسترول الضار، فإن هذه التحسينات لم تنعكس بانخفاض معدلات النوبات القلبية أو الوفيات لدى الفئات الأقل عرضة للخطر.
وأشار الباحثون إلى أن التدخلات الغذائية تكون أكثر فاعلية لدى الأشخاص المعرضين لمخاطر عالية، حيث تسهم في تقليل احتمالات الوفاة والنوبات القلبية والسكتات الدماغية غير المميتة.
كما شددوا على أهمية إجراء مزيد من الأبحاث لفهم تأثير استبدال الدهون المشبعة بالبروتينات بدلا من الكربوهيدرات فقط، بهدف صياغة توصيات غذائية تتماشى مع الأنماط الغذائية الحديثة.
وفي هذا السياق، حذر مختصون من التسرع في تعديل الإرشادات الغذائية الحالية قبل التوصل إلى فهم أشمل للتأثيرات طويلة الأمد للدهون المشبعة، خاصة أن المراجعة لم تتناول نتائج تمتد لعشر سنوات، وهي المدة المعتادة لتقييم مخاطر أمراض القلب.
ولفت الخبراء إلى أن تأثير الدهون المشبعة يختلف باختلاف مصادرها، إذ قد لا تتساوى الدهون الموجودة في اللحوم الحمراء والمعالجة مع تلك الموجودة في منتجات الألبان المخمرة.
من جهته، أوضح البروفيسور توم ساندرز، المتخصص في علوم التغذية، أن التوصيات العامة بخفض الدهون المشبعة تهدف إلى تقليل متوسط مستويات الكوليسترول لدى السكان، بما يسهم في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الفئات عالية الخطورة وعامة الناس على حد سواء.
كما أظهرت أبحاث أخرى أن النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة قد يؤثر سريعا على الصحة، إذ تبين أن الإفراط في تناولها يرفع مستويات الكوليسترول الضار ويزيد من تراكم الدهون في الكبد، ما يضاعف مخاطر الإصابة بأمراض القلب والكبد وداء السكري من النوع الثاني، في حين ارتبط تناول الدهون المتعددة غير المشبعة بتحسن صحة القلب ومستويات الكوليسترول.


