كتب : دينا كمال
كيف تواجه أوروبا تمدد السيارات الصينية؟
لم تعد أوروبا تكتفي بالمراقبة، بل بدأت اتخاذ خطوات عملية للدفاع عن صناعة السيارات المحلية، واضعةً السيارات الكهربائية الصغيرة في صدارة استراتيجيتها الجديدة. ومع تزايد انتشار السيارات الكهربائية الصينية منخفضة التكلفة، إلى جانب الرسوم الجمركية الأميركية وتباطؤ الطلب داخل القارة، وجدت المفوضية الأوروبية نفسها أمام تحدٍ حقيقي للحفاظ على تنافسية الشركات الأوروبية.
وتقوم الفكرة التي تعمل عليها بروكسل على تبسيط تصنيع السيارات الكهربائية الصغيرة وخفض تكلفتها، مع جعلها أكثر جاذبية للمستهلك الأوروبي. ووفقًا للمقترح، سيتم إنشاء فئة جديدة من السيارات الكهربائية الصغيرة المصنّعة داخل أوروبا، تحصل على امتيازات خاصة تشمل قواعد تنظيمية أكثر مرونة، وإتاحة أفضل لمواقف السيارات ونقاط الشحن، إلى جانب دعم مالي أكبر.
وتأتي هذه الخطوة ضمن حزمة أوسع تهدف إلى تخفيف الأعباء عن شركات السيارات الأوروبية، التي تواجه ارتفاع تكاليف الإنتاج وتشدد القوانين التنظيمية، في وقت يواصل فيه المنافسون الصينيون دخول السوق بأسعار يصعب منافستها.
وللاستفادة من هذه التسهيلات، يُشترط أن يتم تصنيع السيارة داخل أوروبا والالتزام بحد أقصى محدد للوزن. وفي المقابل، ستحصل السيارات المؤهلة على حق استخدام مواقف شحن مخصصة، إضافة إلى إعفاء يمتد لعشر سنوات من بعض القوانين المستقبلية، بما يشمل أجزاء من متطلبات السلامة الجديدة ومعايير الانبعاثات Euro 7 المقرر تطبيقها في عام 2026.
ويرى مسؤولون أوروبيون أن هذه التعديلات قد تسهم بشكل حاسم في خفض السعر النهائي للسيارات الكهربائية الصغيرة، خاصة أن التحديثات التنظيمية المتكررة كانت من أبرز أسباب ارتفاع تكاليف الإنتاج. وتشير مصادر مطلعة إلى أن الحد الأقصى للوزن قد يصل إلى نحو 1.5 طن، فيما أُطلق داخل أروقة المفوضية اسم «Sejournette» على هذا المشروع، نسبة إلى المفوض الفرنسي ستيفان سيجورنيه الذي يقوده.
ويُلاحظ أن فئة السيارات الصغيرة لا تزال المجال الوحيد الذي تحتفظ فيه العلامات الأوروبية بتفوق نسبي على منافسيها الصينيين. ففي الوقت الذي ركزت فيه الشركات الصينية على السيارات الكهربائية الأكبر حجمًا والهجينة القابلة للشحن، تسعى شركات أوروبية مثل ستيلانتيس ورينو إلى تطوير فئة سيارات صغيرة أكثر مرونة من الناحية التنظيمية وأكثر ربحية تجاريًا.
ولا ينفصل هذا التوجه عن النقاش الأوسع داخل الاتحاد الأوروبي حول مستقبل محركات الاحتراق الداخلي، إذ تخضع خطة الحظر الكامل بحلول عام 2035 لإعادة تقييم، وسط ضغوط من شركات السيارات وبعض التيارات السياسية التي ترى أن وتيرة التحول إلى السيارات الكهربائية باتت سريعة ومرهقة اقتصاديًا.
وتتجاوز المباحثات ملف السيارات الكهربائية الصغيرة، لتشمل دراسة السماح باستمرار بيع السيارات الهجينة القابلة للشحن لمدة خمس سنوات إضافية، وتعديل أهداف الانبعاثات لعام 2035 بما يتيح استمرارًا محدودًا لمحركات الاحتراق الداخلي، إلى جانب تعزيز دعم الوقود الحيوي والوقود الكهربائي المحايد كربونيًا.
ورغم هذه التحركات، لا يزال الانقسام قائمًا داخل أوروبا، إذ يحذر بعض المسؤولين من أن الصين سبقت بالفعل في تقنيات السيارات الهجينة القابلة للشحن، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذه الإجراءات على إعادة التوازن للسوق. وحتى الآن، لا تزال التفاصيل النهائية للمقترح قيد التفاوض، بانتظار ما ستسفر عنه القرارات المرتقبة.


