كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
أنقرة، تركيا – في تطور جديد لمسار السلام المحتمل بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني (PKK) بعد عقود من النزاع المسلح، ينتظر المقاتلون الكرد مبادرة تركية واضحة قبل أن يوافقوا بشكل كامل على إنهاء الكفاح المسلح وتسليم السلاح بشكل نهائي. هذا العرض المشروط، الذي يرتبط بخطوات سياسية وقانونية من جانب أنقرة، يثير تساؤلات حول ما إذا كان يمكن أن يصبح واقعاً أم يواجه عقبات معقدة.
في الأشهر الماضية، أعلن حزب العمال الكردستاني، الذي خاض تمرداً مسلحاً دام نحو أربعة عقود ضد الدولة التركية، عن سحب قواته من الأراضي التركية إلى شمال العراق وتسليم أجزاء من السلاح في إطار خطوة رمزية نحو السلام. وقد وصف الحزب هذه الخطوة بأنها جزء من عملية أوسع تهدف إلى إنهاء العنف وتهيئة الأرضية لحوار سياسي شامل، وهو ما يمثل محطة فارقة في الصراع الطويل.
لكن رغم هذه الخطوات الأولية، تُظهر قيادة الحزب أنها تنتظر مبادرة من الحكومة التركية قبل المضي قدماً في تطبيق اتفاقية السلام بشكل كامل. وفق وسائل إعلام، يربط الحزب استمرار عملية نزع السلاح بتحقيق ضمانات سياسية وقانونية تشمل تقديم الحكومة خطوة ملموسة تعزز حقوق الأكراد وتفتح المجال أمام دمج المقاتلين السابقين في المجتمع دون ملاحقات قانونية.
من جانبها، تسعى أنقرة إلى تمرير تشريع جديد يسمح بعودة آلاف مقاتلي PKK وعائلاتهم إلى الحياة المدنية تحت إطار خطة سلام، لكنها لا تقدم عفواً شاملاً عن الجرائم المرتكبة خلال الصراع، مما يثير تحفظات لدى بعض قيادات الحزب ومعارضيه.
هذا الفرض المشروط يأتي في ظل إعداد لجنة برلمانية تركية لوضع أساس قانوني لما بعد حل حزب العمال الكردستاني، في محاولة لحسم تداعيات الصراع وتهيئة إطار دستوري جديد يتناول قضايا الإرهاب والحقوق المدنية والسياسية للأكراد داخل تركيا.
ورغم التقدم اللافت في مراحل الانسحاب ونزع السلاح، يرى مراقبون أن النجاح الحقيقي للعملية يعتمد على تعاون متبادل بين أنقرة وقيادة PKK. الحزب يشترط خطوات ملموسة من الحكومة، بينها تحسين ظروف اعتقال زعيمه عبد الله أوجلان وإجراء إصلاحات دستورية توسّع الحقوق الثقافية والسياسية للأكراد، قبل أن يعلن انسحاباً نهائياً والتزاماً كاملاً بالاتفاق.
من جانب آخر، تعتبر السلطات التركية أي تنازل سياسي كبير خطاً أحمر، وتؤكد أن حل حزب العمال الكردستاني يجب أن يترافق مع ضمانات أمنية واضحة لحماية سلامة الدولة ووحدة أراضيها، في حين يرى البعض أن قبول مطالب الحزب قد يمسّ بالسيادة الوطنية.
إجمالاً، لا يزال العرض المشروط الذي ينتظر مقاتلي PKK قيد الترقّب والتفاوض. فرغم أن خطوات نزع السلاح تمثل تطوراً كبيراً، إلا أن تحقيق استجابة كاملة من الطرف الكردي يتوقف على قدرة أنقرة على تقديم مبادرة سياسية وقانونية تُقنع القواعد بقبول المشروع السلمي، وهو ما لم يتضح بعد في تفاصيله أو توقيته.


