كتب : دينا كمال
قصة كارثة مناجم أوكس عام 1866 ووفاة 361 بريطانياً
شهد القرن التاسع عشر مخاطر جسيمة واجهها عمال مناجم الفحم في بريطانيا، حيث ظلّوا عرضة للانفجارات والانهيارات. وفي عام 1857، أدى انفجار في أحد مناجم يوركشاير إلى مقتل 189 عاملًا، بينما أسفرت كارثة وود بيت في لانكشاير عام 1878 عن وفاة نحو 180 عاملاً. وتُعد كارثة أوكس في يوركشاير عام 1866 الأسوأ، بعدما أودت بحياة أكثر من 300 عامل ومنقذ.
وعلى الرغم من محاولات الحد من عمل الأطفال داخل المناجم في تلك الفترة، استمر تشغيل أعداد كبيرة منهم في مهام شاقة تتجاوز أعمارهم، مثل جر العربات الثقيلة واقتلاع الفحم. كما استُغل صغر سن بعضهم للمرور عبر الأنفاق الضيقة وحفر فتحات التهوية.
وفي بيئة العمل داخل المناجم، تكبّد العمال معاناة كبيرة من الغبار والغازات والظلام الدائم والحرارة العالية. وإلى جانب العمل داخل ممرات ضيقة، اضطر العمال للعمل لنحو 14 ساعة يومياً على مدار ستة أيام أسبوعياً، مقابل أجور زهيدة لا تتجاوز بضعة شلنات وفق الفئة العمرية.
وفوق كل هذه الظروف، واجه العمال أمراضاً منتشرة مثل التيفود والكوليرا، بينما عانوا من سوء التغذية داخل الأكواخ البسيطة التي شيدتها الشركات قرب مواقع العمل، وكانت وجباتهم تعتمد بشكل أساسي على البطاطس والخبز والشاي.
وفي يومي 12 و13 ديسمبر عام 1866، تعرّضت مناجم أوكس في بارنسلي لانفجار ضخم نتيجة تراكم غاز الميثان. وتشير المصادر التاريخية إلى أن استخدام الفوانيس الزيتية داخل الأنفاق المشبعة بالغاز تسبب في اشتعال قاتل أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا واحتجاز آخرين.
وبعد وصول فرق الإنقاذ، وقع انفجار ثانٍ في اليوم التالي، ما أدى إلى وفاة مزيد من المنقذين وحسم مصير العالقين داخل المناجم.
وبحسب السجلات الرسمية، بلغ عدد ضحايا الحادث 361 شخصاً، بينهم 27 من أفراد الإنقاذ، إضافة إلى عدد كبير من الأطفال العاملين في المنجم.
وبعد الكارثة، بدأت السلطات عمليات واسعة لانتشال الجثث، لكنها لم تتمكن من العثور على جميع المفقودين، كما تعذّر التعرف على بعض الضحايا بسبب تفحمهم. وشهدت بارنسلي آنذاك مواكب جنائزية ضخمة حضرها آلاف المواطنين.
وأثارت كارثة مناجم أوكس غضباً واسعاً بين السياسيين، مما دفع الحكومة إلى إعادة النظر في معايير السلامة داخل المناجم. وشهدت المرحلة اللاحقة فرض إجراءات سلامة صارمة، من بينها إلزام العمال باستخدام وسائل إنارة أكثر أماناً.


