كتب : دينا كمال
أوروبا تكشف أول هيكل طائرة مقاتلة مُعرّف برمجياً
أعلنت شركة ساب السويدية عن تطوير أول هيكل طائرة مقاتلة مُعرّف بالبرمجيات في العالم، وذلك بالتعاون مع شركة Divergent المتخصصة في التصنيع الإضافي، في خطوة يُتوقع أن تؤثر بعمق على مستقبل صناعات الطيران العسكري.
وجاء التطوير كابتكار يجمع بين الطباعة المعدنية ثلاثية الأبعاد واسعة النطاق وعمليات إنتاج مدفوعة بالبرمجيات، ما يمنح تصميم الطائرات مرونة أكبر من أي وقت مضى.
ويتكون الهيكل التجريبي، الذي يتجاوز طوله خمسة أمتار، من 26 قطعة معدنية مطبوعة بتقنية الدمج بالليزر، جرى تجميعها بواسطة أنظمة روبوتية متقدمة.
وتوضح الشركة أن الهيكل صُمم من دون الحاجة إلى قوالب أو تجهيزات ثابتة، ليصبح أحد أكبر الهياكل المطبوعة المصممة لخوض اختبارات الطيران، بعدما اجتاز بالفعل اختبارات التحمل. ويُتوقّع أن يبدأ أولى رحلاته في عام 2026 وفق تقارير تقنية متخصصة.
وتندرج هذه المبادرة ضمن استراتيجية ساب للتحول إلى الهندسة المعتمدة على النماذج (MBE)، وهي المنهجية المستخدمة في تطوير مقاتلة Gripen E، حيث تُستبدل الرسومات التقليدية بتعليمات رقمية ثلاثية الأبعاد تُعرّف كل جزء وكل خطوة في عملية الإنتاج.
وتتيح هذه المنهجية محاكاة مبكرة وزيادة سرعة التصميم وتحسين الأنظمة المعقدة، كما تمنح الشركة مرونة برمجية تمكّنها من فصل برمجيات الطيران الحرجة عن برمجيات المهام، دون الارتباط بمكونات عتادية محددة، ما دفعها لتبنّي شعار: “ابدأ البرمجة صباحاً.. وحلّق مساءً”.
ووصلت المنظومة إلى حد اختبار الطائرة مع نظام ذكاء اصطناعي يعمل على الحواسيب القياسية المثبتة فيها.
ودفع هذا التقدم فريق الابتكار الداخلي لدى الشركة، The Rainforest، إلى التفكير في جعل التصنيع ذاته مرناً مثل البرمجيات، عبر ما يسمى “التصنيع المُعرّف برمجياً”.
ويشير أكسل بوث، رئيس الفريق، إلى أن التحدي الأكبر في التصنيع التقليدي يتمثل في اعتماد خطوط الإنتاج على قوالب ثابتة تحد من سرعة التغيير، بينما يسمح التصنيع المعتمد على التوأم الرقمي بتبديل التصميمات بشكل لحظي وكأن المصنع يعيد تشكيل نفسه فوراً.
ويمثل التعاون مع شركة Divergent نقطة تحول في هذا الاتجاه، إذ تتيح الطباعة المعدنية ثلاثية الأبعاد للهياكل تحمّل الأوزان بصور عضوية ومنحنية تحددها خوارزميات الذكاء الاصطناعي، بدلاً من الأشكال الهندسية المستقيمة التقليدية.
وتؤكد الشركة أن هذا النهج قادر على خفض عدد الأجزاء بمئة مرة مقارنة بالهياكل التقليدية، مع إمكانية دمج أنظمة مثل التبريد والهيدروليك والأسلاك داخل القطع نفسها، بما يقلل الوزن ويبسّط عمليات الإنتاج.
ويرى بوث أن الرؤية المستقبلية تتمثل في مصانع قادرة على إعادة تشكيل خطوط إنتاجها مباشرة وفق تحديثات التوأم الرقمي، قائلاً: “نختصر رؤيتنا بعبارة: CAD في الصباح.. وطيران بعد الظهر”.
وبينما يبقى هذا السيناريو هدفاً بعيد المدى، تعتبر ساب أن الهيكل الجديد يشكل دليلاً عملياً على إمكانية تحويل مفهوم الهاردوير المُعرّف برمجياً إلى تطبيق صناعي واقعي.
وتؤكد الشركة أن القدرة على التعديل السريع والابتكار المستمر أصبحت ضرورة في أنظمة القتال الحديثة، انسجاماً مع مبدأ OODA الذي يركز على سرعة اتخاذ القرار والتنفيذ في بيئات عالية التغير.
ومع الاستعداد لأول رحلة تجريبية في 2026، ترى الشركة أن المشروع يمهد لعصر طائرات أكثر مرونة وأسرع تطويراً وأعلى قدرة على التحديث، ما يمنح القوات الجوية ميزات تكيف واسعة مع متطلبات ساحات القتال المستقبلية.


