كتب : حسيبة صالح /سوريا
في ذكرى التحرير السوري، حملت الرياض إلى دمشق هديةً ليست كباقي الهدايا، بل رمزاً يختصر تاريخاً من الروابط الروحية والوجدانية بين مكة وبلاد الشام. فقد قدّم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس السوري أحمد الشرع قطعة نفيسة من ستار الكعبة المشرّفة، لتُوضع في المسجد الأموي، فتغدو جسراً بين أقدس بيت في الإسلام وأعرق مساجد التاريخ.
حدث يتجاوز السياسة
لم تكن هذه الهدية مجرد تقليد بروتوكولي، بل رسالة عميقة تحمل معاني الأمن والسكينة. الآية الكريمة المنسوجة على القطعة: “وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا”، جاءت لتؤكد أن التحرير لا يكتمل إلا بالطمأنينة، وأن سوريا الخارجة من سنوات الحرب تستحق أن تُكلَّل رموزها بالسلام.
• روحياً: كسوة الكعبة تمثل قدسية المكان، ووضعها في المسجد الأموي يربط بين مركزين من مراكز الإيمان.
• سياسياً: الخطوة تعكس بداية تقارب عربي جديد، يعيد وصل ما انقطع بين دمشق والرياض.
• شعبياً: السوريون رأوا في الهدية تكريماً لدمشق، ورسالة بأن التحرير ليس حدثاً محلياً بل ذا صدى عربي واسع.
المشهد في دمشق
في المسجد الأموي، وقف الرئيس الشرع مرتدياً الزي العسكري الذي دخل به دمشق يوم التحرير، ليؤكد أن الذاكرة ما زالت حية. المصلون احتشدوا حول القطعة المقدسة، فيما أعلن أن يوم 8 ديسمبر سيصبح عطلة رسمية باسم عيد التحرير، ليُخلّد في الوجدان السوري والعربي معاً.
هذه الهدية ليست مجرد قطعة قماش مقدسة، بل رسالة تصالح وامتداد روحي. من مكة حيث يبدأ الطواف، إلى دمشق حيث يعلو صوت المآذن، تمتد خيوط المحبة بين شعبين جمعهما الدين والتاريخ. إنها دعوة لإعادة بناء سوريا على أسس من المحبة، تماماً كما تُبنى الكعبة حجراً فوق حجر لتكون مثابةً للناس وأمناً.
إنها لحظة تاريخية تتجاوز السياسة لتلامس القلوب. قطعة من ستار الكعبة في قلب المسجد الأموي هي جسر وجداني بين الأرض والسماء، بين التحرير والطمأنينة، بين سوريا والسعودية. وفي زمنٍ يبحث فيه الناس عن الأمان، تأتي هذه الهدية لتقول إن الهدايا الكبرى ليست في قيمتها المادية، بل في رمزيتها التي تُحيي الأمل وتزرع الطمأنينة في النفوس.


