كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
حذّرت وزارة العدل السورية من نشر أو استغلال وثائق وصور ومعلومات تتعلق بانتهاكات ارتكبت في عهد بشار الأسد والنظام السابق، بعد تداول عدد من هذه المواد على الإنترنت.
وأوضحت الوزارة في بيان أن بعض وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية نشرت “مواد متفرقة” تتضمن أسماء أو وثائق أو صور لأشخاص يُزعم أنهم ضحايا للتعذيب أو الانتهاكات، ورأت أن هذا النشر قد يُستخدم لاحقاً في “عمليات ابتزاز أو متاجرة” لا تمت بصلة للقيم الإنسانية، وتشكل خرقاً لكرامة الضحايا وحقوق عائلاتهم.
وأضاف البيان أن هذه الوثائق جُمعت بطرق غير قانونية أو غير أخلاقية، وأن النشر العشوائي لها لا يحترم الحقوق القانونية أو مشاعر الأهالي، داعياً كل من بحوزته مثل هذه الوثائق أو الصور أو البيانات إلى “تسليمها للجهات الرسمية المختصة” ـ سواء وزارة العدل أو “الهيئات الوطنية المعنية بالعدالة الانتقالية والمفقودين”.
وقالت الوزارة إنها تنوي ضم هذه المواد إلى “ملفات قيد الدراسة والمعالجة” ضمن إطار قانوني، بما يضمن حماية كرامة الضحايا وحقوق عائلاتهم، وحماية الأدلة ومنع أي “عبث” بها، كما أكدت أنها لن تتوانى عن ملاحقة كل من يخرق القوانين أو يستغل مأساة الضحايا لأغراض “غير مشروعة”.
خلفية — وثائق كثيرة تجري معالجتها بعد سقوط النظام القديم
مع سقوط النظام السابق، ظهرت العديد من الوثائق والسجلات التي كان النظام يخزنها في أفرع المخابرات والأجهزة الأمنية، تتضمن بيانات مفصلة عن معتقلين، سجناء، معارضين سياسيين، وأسرهم.
وقالت جهات دولية ومحلية معنية بالتوثيق، مثل Commission for International Justice and Accountability (CIJA)، إنها جمّعت “ملايين الصفحات” من الوثائق التي تثبت تورّط النظام السابق في انتهاكات جسيمة: اعتقالات تعسفية، تعذيب، اختفاء قسري، وإخفاء معلومات عن المعتقلين.
لكنّ رغم هذه التوثيقات، يثير تداول بعض هذه الملفات على وسائل الإعلام أو منصات التواصل، قبل تنظيمها رسمياً، مخاوف كبيرة لدى منظمات حقوقية من استغلالها بطريقة تضر الضحايا أو ذويهم. وقد بدا أن دعوة وزارة العدل تعكس هذه المخاوف، في ظل مساعي توحيد الأرشيف ومعالجته في إطار من العدالة الانتقالية.
التحديات والصراعات على العدالة الانتقالية
منذ تأسيس National Commission for Transitional Justice (Syria) في 2025، أُثيرت أسئلة كثيرة حول كيف سيتم التعامل مع هذه الوثائق الضخمة: هل سيتم فتح تحقيقات جنائية؟ هل تُحترم كرامة الضحايا؟ هل تشمل كل مَن تضرر، أم فقط ضحايا النظام السابق؟
من جهتها، تؤكد جهات قضائية في التحقيقات – مثل لجنة التحقيق في أحداث محافظة السويداء – أن التحقيقات ما زالت تُجمع الدلائل والأدلة في إطار مهنية وقانونية من أجل “معرفة الحقيقة بالكامل وضمان محاسبة المسؤولين”.
لكن كثيرين يرى أن منع النشر المفتوح للوثائق — كما أشارت الوزارة — قد يصطدم بمبدأ “الشفافية والمحاسبة” خصوصاً إذا لم تُضمن آليات رسمية واضحة للوصول إلى الحقيقة والعدالة. في هذا السياق، نبهت جهات دولية وقانونية إلى أن توثيق الانتهاكات يجب أن يُتبع بآليات محاكمة ومساءلة، لتجنب الإفلات من العقاب أو طمس التاريخ.
لماذا هذا التحذير الآن؟
لأن بعض الوثائق والصور ظهرت على الإنترنت — ما يثير قلقاً من استغلالها في ابتزاز أو تجارة بالمآسي.
لأن هناك رغبة (رسمية) بـ تنظيم الأرشيف وتحويله إلى ملفات قانونية تُستخدم ضمن العدالة الانتقالية، وليس بشكل عشوائي.
لأن حقوق الضحايا وكرامتهم وأمن عائلاتهم يحتّم ضبط هذا الملف بدقة، لتفادي مزيد من الأذى أو الاستغلال.


