كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
شهدت العاصمة الماليزية كوالالمبور لقاءً ثلاثيًا نادرًا بين وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، ونظيريه الصيني دونغ جون، والهندي راجناث سينغ، على هامش اجتماعات قمة وزراء دفاع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، في وقت تتزايد فيه حدة التوترات السياسية والعسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
الاجتماع، الذي وصفته مصادر دبلوماسية بأنه خطوة حساسة في ظل الأوضاع الجيوسياسية المعقدة، تناول عدداً من القضايا الساخنة التي تشغل المنطقة، وعلى رأسها الأوضاع في بحر الصين الجنوبي، والتوازن العسكري في المحيطين الهندي والهادئ، إلى جانب الخلافات الحدودية بين الصين والهند، والتحديات الأمنية التي تهدد الاستقرار الإقليمي.
وخلال اللقاء، شدد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن على التزام بلاده بحماية أمن المنطقة وضمان حرية الملاحة، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستواصل التعاون مع شركائها في آسيا من أجل “مستقبل آمن ومفتوح”. وأشار إلى أن بلاده ترى في الحوار المتعدد الأطراف طريقًا لتجنب المواجهة المباشرة وتعزيز الثقة بين القوى العسكرية الكبرى.
من جانبه، دعا وزير الدفاع الصيني دونغ جون إلى ضرورة نبذ المواجهة وتغليب لغة الحوار، مؤكدًا أن الصين متمسكة بحقوقها السيادية ومصالحها الحيوية، لكنها في الوقت نفسه منفتحة على التعاون في إطار من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
أما الوزير الهندي راجناث سينغ، فقد عبّر عن موقف بلاده الداعي إلى الاستقرار الإقليمي والتفاهم المشترك، مشيراً إلى أن الهند تسعى إلى بناء جسور الثقة مع دول الجوار، لكنها “لن تتهاون في الدفاع عن أمنها القومي ووحدة أراضيها”، في إشارة إلى النزاع الحدودي القائم مع الصين.
وناقش الوزراء الثلاثة أيضًا سبل تعزيز التعاون الأمني بين دول آسيان والقوى الكبرى، بما يشمل تطوير القدرات الدفاعية المشتركة وتبادل المعلومات حول مكافحة الإرهاب وحماية الممرات البحرية الاستراتيجية. كما تطرق الاجتماع إلى ملف الأمن السيبراني والتحديات التي تفرضها التقنيات العسكرية الحديثة على استقرار المنطقة.
ويأتي هذا اللقاء في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبرى في موازين القوى، وسط تنافس متصاعد بين واشنطن وبكين على النفوذ الاقتصادي والعسكري، ومحاولات من نيودلهي للعب دور الوسيط الموازن في المعادلة الدولية.
ويرى مراقبون أن الاجتماع الثلاثي في كوالالمبور يحمل رسائل متعددة، أبرزها رغبة الأطراف في تجنب التصعيد المباشر رغم عمق الخلافات، والبحث عن مساحات مشتركة للحوار في مواجهة التحديات التي تهدد الأمن الإقليمي والعالمي.
ورغم عدم الإعلان عن اتفاقات محددة عقب اللقاء، إلا أن المراقبين اعتبروا الاجتماع بحد ذاته مؤشراً على إدراك الجميع لخطورة المرحلة الراهنة، وحاجة المنطقة إلى قنوات اتصال مفتوحة بين القوى الكبرى لتفادي أية مواجهات غير محسوبة قد تشعل صراعات جديدة في آسيا.


