كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
كشفت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة عن نتائج تحقيق موسعة توصلت من خلالها إلى توثيق أكثر من 16 ألف دليل مادي ورقمي يُثبت ارتكاب إسرائيل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب قبل عام.
وأوضح التقرير أن اللجنة اعتمدت على تحليل شامل لمقاطع فيديو وصور جوية وأقمار صناعية وشهادات ناجين، إلى جانب وثائق رسمية تم الحصول عليها من منظمات دولية وهيئات إنسانية عاملة في الميدان. وأكدت أن الأدلة التي تم جمعها تُظهر أن الانتهاكات الإسرائيلية لم تكن “حوادث فردية”، بل تمت وفق سياسات ممنهجة استهدفت المدنيين والبنية التحتية المدنية بشكل واسع.
وأشار أعضاء اللجنة إلى أن التحقيقات بيّنت استخدام القوة المفرطة والقصف العشوائي على مناطق مأهولة، مما أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال، وتدمير مستشفيات ومدارس وملاجئ ومخيمات نازحين.
وأضاف التقرير أن بعض الوقائع التي تم التحقق منها ترقى إلى مستوى جرائم الإبادة الجماعية، خاصة تلك التي تضمنت الحصار الكامل للقطاع ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود، وهو ما وصفته اللجنة بأنه “استخدام للتجويع كأداة حرب”، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
كما أكدت اللجنة أنها استطاعت تحديد وحدات عسكرية إسرائيلية مسؤولة عن تنفيذ بعض الهجمات، إضافة إلى مسؤولين في مستويات قيادية، وأنها تعمل حالياً على إعداد ملفات شاملة لتقديمها إلى الجهات القضائية الدولية المعنية، من بينها المحكمة الجنائية الدولية.
وأشار التقرير إلى أن إسرائيل رفضت التعاون مع اللجنة ولم تسمح لأعضائها بدخول أراضي القطاع أو إسرائيل نفسها، ما دفع الفريق إلى الاعتماد على أدوات التحقق الرقمي وشهادات شهود من داخل غزة ومنظمات دولية محايدة.
وتعتزم اللجنة رفع تقريرها النهائي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان خلال الأسابيع المقبلة، متضمناً توصيات بضرورة اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لوقف الانتهاكات المستمرة وضمان محاسبة المسؤولين عنها.
ويأتي هذا التقرير في وقت تتصاعد فيه الإدانات الدولية للأوضاع الإنسانية في غزة، ومع استمرار عمليات القصف التي خلّفت دماراً واسعاً وتهجيراً قسرياً لعشرات الآلاف من المدنيين، فيما يرى مراقبون أن ما توصلت إليه اللجنة قد يشكل منعطفاً حاسماً نحو المساءلة الدولية وإنهاء حالة الإفلات من العقاب في النزاع القائم.


