كتب : دينا كمال
كتاب جديد يوثق حكايات يهود لبنان بين التوثيق والرواية
صدر مؤخرًا كتاب جديد يحمل عنوان “حين انطفأت شرفات اليهود في وادي أبو جميل”، للكاتبة والصحفية اللبنانية ندى عبد الصمد، يوثق حياة يهود لبنان الذين عاشوا في قلب بيروت قبل أن تفرّقهم الحروب والهجرة.
يمزج الكتاب بين السرد التوثيقي والأسلوب الروائي، مستعيدًا ملامح مجتمعٍ غاب عن الذاكرة، كان جزءًا من النسيج الاجتماعي في منطقة وادي أبو جميل، حيث لا يزال كنيس ماجين إبراهام المهجور شاهدًا صامتًا على تلك الحقبة.
ويُعد هذا الإصدار استكمالًا للجزء الأول الذي نُشر عام 2010، إذ تؤرخ الكاتبة من خلاله لتاريخ الوجود اليهودي في لبنان عبر قصص واقعية جمعتها على مدى سنوات من شهادات سكان المنطقة وما تبقى من آثار ومعابد.
وتوضح عبد الصمد أن القصص التي يتناولها الكتاب “حدثت بالفعل لأشخاص عاشوا في وادي أبو جميل”، مشيرة إلى أنها اعتمدت في السرد على روايات الجيران والأصدقاء والمعارف الذين عاصروا تلك المرحلة، بعيدًا عن أي تصنيفات سياسية أو أحكام مسبقة.
ويكشف الكتاب عن بدايات هجرة اليهود من لبنان، موضحًا أن بعضهم غادر إلى إسرائيل أو دول أخرى بهدوء ومن دون تواصل مع أقاربهم في لبنان، فيما تولّى مكتب في قبرص تنظيم مغادرتهم بحرًا إلى إسرائيل.
ويتناول العمل أيضًا قصصًا واقعية من أبرزها حكاية ماري السمن اللبنانية المسيحية وسليم مزراحي العراقي اليهودي، اللذين تعارفا خلال تظاهرة في بيروت منتصف خمسينيات القرن الماضي، وتزوّجا لاحقًا وعاشا في وادي أبو جميل، قبل أن يهاجرا عام 1970 إلى إسرائيل، حيث انقطعت أخبار العائلة حتى مشاركة ابنهما ماركو في اجتياح بيروت عام 1982 كضابط في الجيش الإسرائيلي.
كما يروي الكتاب سيرة شولا كوهين، المعروفة بـ”لؤلؤة الموساد”، وهي يهودية لبنانية تزوجت من تاجر أقمشة في بيروت، وتورطت في عمليات تهريب لليهود وجمع معلومات أمنية حساسة عن الجيشين اللبناني والسوري، قبل أن تُعتقل عام 1963 ويُصدر بحقها حكم بالإعدام خُفف لاحقًا إلى 20 عامًا.
ويضم الكتاب، الواقع في 349 صفحة من القطع المتوسط، قصصًا توثق الحياة الاجتماعية والسياسية في بيروت خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ويختتم بحكاية ليزا سرور، آخر يهودية بقيت في وادي أبو جميل حتى وفاتها بعد إصابتها بالتهاب ناجم عن خدوش من قطة كانت تعتني بها.
وتقول الكاتبة إن عملها “يجمع بين التوثيق والذاكرة الشعبية، ويعيد رسم صورة مجتمع لبناني متنوع عاش وتفاعل قبل أن تفرّقه الانقسامات والحروب”.


