كتب : دينا كمال
3 طرق فعالة لتدريب العقل على تجاوز القلق والتفكير الزائد
يجد كثيرون أنفسهم ليلاً غارقين في التفكير بعد يوم مرهق، حين تطرأ على أذهانهم أفكار مفاجئة مثل: “هل أرسلت تلك الرسالة المهمة؟”، فيتسارع نبض القلب ويضيق التنفس، رغم إدراكهم أنهم ربما فعلوا ذلك بالفعل. هذه الحالة، وفقًا لعلماء النفس، ناتجة عن تفعيل نظام الإنذار القديم في الدماغ، وهو آلية دفاعية موروثة من عصور ما قبل التاريخ.
في العصور الحجرية، كان الإنسان يتساءل عند سماع صوت غريب: هل هو مجرد هبوب ريح أم اقتراب حيوان مفترس؟ ومن افترضوا الأسوأ هم من نجوا واستمر نسلهم، ما جعل التركيز على الخطر سلوكًا تطوريًا متجذرًا في عقول البشر، يُعرف اليوم بـ”تحيّز السلبية”.
تميل أدمغتنا إلى تضخيم التجارب السلبية وتجاهل الإيجابية، فتعليق نقدي واحد يترك أثرًا أعمق من عشرات عبارات المديح. وتُظهر دراسات حديثة أن هذه ليست مشكلة شخصية، بل هي برمجة تطورت لحماية الإنسان، لكنها أصبحت غير ملائمة لعصرنا الحالي.
كيف يعمل “إنذار العقل”؟
توضح الأبحاث أن الدماغ يستجيب بقوة أكبر للمحفزات السلبية. فاللوزة الدماغية – المسؤولة عن الشعور بالخطر – تُطلق إشارات استنفار عند أي تهديد محتمل، مهيئة الجسم لرد فعل فوري كالقتال أو الهرب، وهي استجابة كانت منقذة للحياة قديمًا، لكنها اليوم تتسبب في قلق دائم وإجهاد مزمن.
القلق في العصر الحديث
في عالم اليوم، لا تهددنا النمور المفترسة، بل إشعارات الهاتف والبريد الإلكتروني والضغوط اليومية. ومع أن أجسامنا تتعامل مع هذه المنبهات كخطر حقيقي، إلا أن الاستجابة المستمرة تُرهق الجسد والعقل وتؤثر سلبًا على العلاقات والصحة النفسية.
1. إنذار زائف للجسم: التوتر المستمر يؤدي إلى إفراز هرمونات الكورتيزول والأدرينالين، مما يسبب اضطرابات في القلب والجهاز الهضمي ويضعف المناعة.
2. القلق المزمن: يُضيّق الانتباه على التهديدات المتصوَّرة ويُغذّي دائرة الخوف، فيخلق شعورًا دائمًا بعدم الأمان.
3. الشلل التحليلي: التفكير المفرط في المشكلات يُعيق اتخاذ القرار، فيتسبب في المماطلة والتجنب بدلاً من الحل.
طرق تدريب العقل على الهدوء
لحسن الحظ، يمكن للدماغ أن يُعيد برمجة نفسه بفضل ما يُعرف باللدونة العصبية، وذلك من خلال خطوات بسيطة تساعد في كسر دائرة القلق:
1. تحديد المشكلة بوضوح: الاعتراف بالفكرة المقلقة وتسميتها يقلل من تأثيرها.
2. إعادة التفسير: النظر إلى المواقف من زاوية مختلفة، مثل الاعتقاد أن التأخير في الرد ليس غضبًا بل انشغالًا.
3. التركيز على الإيجابيات: منح لحظات الفرح والتقدير وقتًا كافيًا للشعور بها يُعزز المرونة النفسية.
ورغم أن الخوف استجابة طبيعية أحيانًا، إلا أن الإفراط فيه يجعل الإنسان يعيش في حالة استنفار دائم تُنهكه دون جدوى. لذا فإن تهدئة “نظام الإنذار الداخلي” تبدأ بالوعي، والتعامل الواقعي مع الأفكار، وتذكّر النجاحات الصغيرة التي تمنح العقل طمأنينة واستقرارًا.


