كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
واشنطن – العرب نيوز
في تصريح مثير للجدل، قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إن قيادة حركة حماس لم تكن وراء خرق اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن “بعض المتمردين الخارجين عن السيطرة” هم من قاموا بإطلاق الصواريخ التي أدت إلى انهيار الهدنة وتجدد الغارات الإسرائيلية.
وجاءت تصريحات ترامب خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة أميركية مساء الأحد، حيث تحدث بإسهاب عن تطورات الوضع في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن “حماس كقيادة سياسية أبدت التزامًا واضحًا باتفاق الهدنة الذي تم بوساطة دولية، لكن بعض المجموعات الميدانية الصغيرة لم تلتزم بالتعليمات واستمرت في القتال، ما تسبب في تفجير الوضع من جديد”.
وأضاف ترامب: “أنا لا أبرر العنف من أي طرف، لكن يجب الاعتراف بأن إسرائيل بدورها استخدمت القوة المفرطة في الرد، وهذا ما جعل الوضع يخرج عن السيطرة”، محذرًا من أن استمرار التصعيد سيؤدي إلى “دمار كامل في غزة وتهديد للاستقرار الإقليمي برمّته”.
وتابع الرئيس الأميركي السابق قائلًا: “يجب على الإدارة الحالية في واشنطن أن تتعامل بذكاء مع الأزمة، لا بالانحياز الأعمى لإسرائيل، لأن ذلك لن يحقق الأمن لأي طرف، بل سيزيد من عزلة الولايات المتحدة في المنطقة”.
تصريحات ترامب، التي وُصفت بأنها الأكثر تساهلًا تجاه حماس منذ بدء الحرب الأخيرة، أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية الأميركية والإسرائيلية على حد سواء. فقد اعتبر عدد من المسؤولين الإسرائيليين السابقين أن كلام ترامب “يشكل غطاءً سياسيًا لحماس” ويضعف الجهود الدولية لعزلها.
في المقابل، رحب محللون عرب بتصريحاته معتبرين أنها تمثل تحولًا في الخطاب الأميركي المحافظ تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعد سنوات من الدعم غير المحدود لإسرائيل خلال فترة ولايته الأولى.
من جهة أخرى، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر في الحكومة الإسرائيلية استياءها الشديد من تصريحات ترامب، واصفة إياها بأنها “مضللة وخطيرة”، مشددة على أن “الجيش الإسرائيلي يمتلك أدلة واضحة على أن قيادات حماس وافقت ضمنيًا على التصعيد ولم تتدخل لمنع الهجمات الصاروخية”.
أما داخل الولايات المتحدة، فقد أثار موقف ترامب نقاشًا حادًا بين الجمهوريين أنفسهم، إذ يرى بعضهم أن تصريحاته قد تُفهم على أنها محاولة للتقرب من الأصوات المؤيدة للفلسطينيين استعدادًا للاستحقاق الانتخابي المقبل، بينما يرى آخرون أنه يسعى لاستعراض نهج “الوسيط الواقعي” الذي روّج له خلال رئاسته.
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه تعليق رسمي من حركة حماس على تصريحات ترامب، نقلت صحيفة عربية صادرة في لندن عن مصدر قريب من الحركة قوله إن “الحديث عن متمردين هو اعتراف ضمني بأن التصعيد الأخير لم يكن قرارًا رسميًا من القيادة، وإن كانت إسرائيل استغلته كذريعة لتكثيف قصفها لقطاع غزة”.
ويأتي هذا الموقف من ترامب بعد أيام من إعلانه تشكيل “مجلس لإعادة تطوير غزة” في حال فوزه في الانتخابات المقبلة، في خطوة أثارت بدورها جدلاً واسعًا، حيث اعتبرها مراقبون محاولة لإظهار نفسه كصاحب رؤية مختلفة لإدارة الصراع في الشرق الأوسط، تجمع بين الحزم السياسي والمقاربة الاقتصادية.
ويُذكر أن الهدنة التي تم التوصل إليها بين إسرائيل وحماس بوساطة مصرية – قطرية – أميركية، انهارت الأسبوع الماضي بعد تبادل مكثف للقصف بين الطرفين، ما أعاد أجواء الحرب إلى غزة وأدى إلى مقتل عشرات المدنيين، فيما تتواصل الدعوات الدولية لإعادة تثبيت وقف إطلاق النار وبدء مسار تفاوضي شامل.


