كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
بروكسل – العرب نيوز
أصدرت السلطات الأوروبية تحذيرات متزايدة بشأن ما وصفته بـ”تصاعد التوترات الروسية” وتحركاتها العسكرية والأمنية في ما يُعرف بـ”المنطقة الرمادية”، في مؤشر على احتمالية مواجهة غير مباشرة قد تؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي.
وقالت مصادر رسمية أوروبية إن النشاط العسكري الروسي في المناطق الحدودية ومحيط الدول المجاورة يتسم بالمرونة والسرية، ما يجعل من الصعب التنبؤ بخطوات موسكو التالية. وأضافت أن هذه التحركات تشمل نشر معدات عسكرية متقدمة، زيادة الأنشطة الاستخباراتية، وإجراء تدريبات عسكرية غير معلنة، وهو ما يُنظر إليه على أنه جزء من استراتيجية الضغط على أوروبا ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وحذرت بروكسل من أن هذه الاستراتيجية، التي تُعرف باسم “حرب المنطقة الرمادية”، تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وعسكرية دون الوصول إلى صراع مفتوح، لكنها تحمل في الوقت نفسه مخاطر تصعيدية كبيرة. وتشمل أساليب “المنطقة الرمادية” عادة العمليات السيبرانية، التضليل الإعلامي، التحركات العسكرية المحدودة، والضغوط الاقتصادية والسياسية.
وأكد مسؤول أوروبي رفيع المستوى أن الاتحاد الأوروبي يعكف على تعزيز التعاون الاستخباراتي بين الدول الأعضاء، ومراقبة جميع التحركات الروسية عن كثب، مشدداً على أن أي تهديد محتمل يتطلب تنسيقاً عاجلاً على أعلى المستويات. كما أشار إلى أن أوروبا تستعد لتطوير خطط دفاعية متعددة المستويات، تشمل تعزيز القدرات العسكرية التقليدية والسيبرانية، بالإضافة إلى الاستجابة السريعة لأي سيناريوهات غير متوقعة.
هذا التحذير الأوروبي يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين روسيا والدول الأوروبية توتراً متزايداً على خلفية النزاعات الإقليمية والتدخلات السياسية والاقتصادية، إضافة إلى الخلافات حول الأمن الطاقي والاستثمارات الاستراتيجية. ويؤكد مراقبون أن أوروبا تواجه تحدياً مزدوجاً: الحفاظ على الاستقرار الداخلي في مواجهة الضغوط الروسية، وفي الوقت نفسه تجنب الانجرار إلى صراع مباشر قد تكون له تداعيات واسعة على الساحة الدولية.
في المقابل، يرى خبراء أن استراتيجية “المنطقة الرمادية” الروسية تعتمد على استخدام وسائل متعددة لخلق حالة من الغموض والارتباك لدى خصومها، مما يجعل الرد عليها أكثر تعقيداً. ويضيف هؤلاء أن أوروبا بحاجة إلى تطوير سياسات دفاعية ومرنة، تشمل التحالف مع شركاء دوليين ودعم استراتيجيات الاستخبارات السيبرانية لتعزيز الردع والقدرة على مواجهة أي تهديد محتمل.
ومع استمرار هذه التحركات، يشدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة أن تتخذ الدول الأعضاء خطوات استباقية، بما في ذلك تعزيز قدراتها العسكرية على الحدود، ودعم الاستقرار السياسي والاقتصادي داخل الدول المستهدفة، وتنسيق الجهود الدولية لضمان استدامة الأمن الإقليمي.


