السلام المزيف وخطة الخداع الاستراتيجى : اللعب مع الكبار ما ببن أمريكا وروسيا
أ.د. محمد علاء الدين عبد القادر
الثلاثاء 3 يونيو 2025
ها هى مخرجات تداعيات أكبر عملية خداع استراتيجى فى أيامنا المعاصرة هذه
خاصة ما بعد المحاولة الفاشلة من الجانب الأوكراني بدعم لوجستي استخباراتي تقنى أمريكى بريطانى أوروبي فى محاولة مستميتة منهم للتخلص من بوتين وتحييد روسيا بعد فشل كافة عقوباتهم
بوتين رجل المخابرات الداهية الملم بأدق تفاصيل الأمور .. ليس هو بميخائيل غورباتشوف .. أو يلتسن .. ممن سبقه برئاسة روسيا
بوتين الواثق بنفسه .. لا تخدعه ألاعيب أمريكا والغرب .. ولا أن يمكن خداعه بدعوته لشرب كأس خمر دوبل وقت الجد حتى الثماله إلى أن تتهرتل ذاكرته ..
ويبدو مترنحا راقصا فى الهواء فاقدا للوعى فاقدا للأهلية .. كما حدث مع يلتسين رئيس روسيا الأسبق فى مشهد دراماتيكى يدعو للشفقة عليه أمام فضاءيات العالم ..
راقصا مترنحا بعد أن زاد من كؤوس الشرب المسكرة وحالته وقت عقد مؤتمرة الصحفى – فى مشهد هزلى أضحك الجميع –
مع الرئيس الأمريكى الأسبق كلينتون صاحب موقعة مونيكا ذات السروال الأزرق
أن ما تتصدرة الساحة العالمية اليوم من حروب مهلكة لتكسير العظام واستنزاف الطاقات فيما يعرف باللعب ما بين الكبار ما بين أمريكا وأوكرانيا وأوربا من ناحية ، ضد كل من روسيا والصين على الجانب الأخر
وفى ورسالة واضحة للجميع .. انتباه ! .. أن أمريكا العظمى مازالت هى هى قطب أوحد متمسكة به رافضه لمحاولات تعدد القطبية بمشاركة روسيا والصين حتى أن تضمن استدامه الهيمنة الأمريكية والسيطرة واستنزاف ثروات الشعوب ..
وأن أمريكا هى أرض الاحلام .. وأن عقيدة الكاوبوى مازالت راسخة فى أعماقها تتوارثها أجيالهم دونما لين أو هوادة
وأن دبلوماسيتها الظاهرة مع صعود ترامب على سدة الحكم فى ولايته الثانية تظهر الوجه الأخر لأمريكا حلم السفر لكثير من شباب العالم ومن مبدعيه
فهى دبلوماسية على حافة الشوك تبطن فى أعماقها عقيدة لغة الغاب وأن كل شىء مباح بمنطق القوة والخراب والدمار
وما لم يأت بالخداع والفهلوة والمهادنة يأتى لاحقا بالوعيد والترهيب تحققه لغة العصا والجزرة .. وربما دونما أى جزرة
أو بمعنى أدق فهى رسالة عبر أثير الفضاء من ترامب الكاوبوى الأمريكى إلى بوتين الدب الروسى
خاصة ما بعد حادثتى تفخيخ وتدمير جسرين أحدهما فى مقاطعة بريانسك والأخر فى مقاطعة كورسك الروسيتين
كل ذلك تزامنا مع يوم عقد المفاوضات للمرة الثانية فى اسطانبول التركية ما بين الوفدين الروسى والاوكرانى
ومن قبلها محاولة أغتيال بوتين الفاشلة لتدمير طائرته فى السماء خلال زيارة تفقدية له لمقاطعة كورسك الروسية بعد تحريرها من التوغل الأوكرانى
وعلى القاصى والدانى من دول العالم شرقا وغربا الترقب والحذر والحيطة من مباغتات الخدع التراميبة وتقمص شخصية صانع السلام اجبارا وما خفى فهو أعظم
وإن فرض هذا السلام الناقص والمشبوه سواء مع روسيا فى حربها مع اوكرانيا حفاظا على أمنها القومى وعدم استباحة حدودها من قبل دول الناتو المعادى لها وسعى أوكرانيا للانضمام له
أو فيما يتعلق بغزة بحرب ما بين اسرائيل وحماس وإصرار دولة الكيان على تدمير القطاع تدميرا شاملا بما يجعله غير قابل للحياة وتوجهاتها لتهجير سكانه قسرا أو طوعا بما يضحض من فكرة إقامة دوله فلسطينية مستقلة
كل ذلك بدعم أمريكي ورغبة ترامب فى إدارته واستثماره لقطاع غزة سياحيا واقتصاديا وعسكريا للتحكم فى مسارات البحر المتوسط أمام كل من روسيا والصين علاوة على اصراره على كسر تحالفات دول البريكس حتى لا يهتز عرش الدولار وعرش الهيمنة الأمريكية
مع تضرر مصر فى ظل هذه المهاترات بما يحدث ويحاك على حدودها بما يتطلب الحذر واليقظة تجنبا لأى من :
– سيناريوهات الخداع الاستيراتيجية الترامبية
– ومن دولة الكيان
– ومن كومبارسات دول المنطقة
– ومن مبعوثي ترامب المشكوك فى نواياهم برسائلهم المبطنة للقيادة السياسية خلال زياراتهم المكوكية إلى القاهرة .. ما بين حلو الكلام والترغيب .. ومن التهديد والوعيد .. فى حيرة من خطوط القاهرة الحمراء ولاءاتها المشهودة
وأن ما يحدث حاليا على الساحة العالمية يتطلب مزيدا من اليقظة والحذر .. ومن استخلاص العبر والدروس المستفادة فيما يجرى من أحداث عالمية واقليمية على حد سواء .. لمواجهة أى طارىء قادم على غفلة
حيث انعدام الثقة وغياب الأمن والأمان على المستوى الدولى الذى هو الأن فى مرحلة مخاض عسيرة نحو السعى لاعادة تشكيل القطبية العالمية متعددة الأقطاب لكسر الهيمنة الأمريكية
ان الحذر كل الحذر من سيناريوهات الخداع الاستراتيحى التى يتقنها ويمارستها ترامب بشخصيته وأداءه المتميز الذى قد يبدوا محيرا أو عشوائيا كما يتصور البعض
لكن هيهات هيهات فهو سلوك مدروس بعلم وخبرة وتوجهات من رواد الدولة العميقة بأمريكا
مدعوما بطقوس الحرب النفسية ومن المفاجأءات ومن سيناربوهات الخداع والمباغته فى رسالة للجميع أن المارد الأمريكى مازال قائما يكشر عن أنيابة حينا .. ويبتسم ويتملق أحيانا
فقد أوحى ترامب كما يظن البعض أنه يهادن بوتين الثعلب الفاهم الواعى .. الذى لا تنطوي عليه عبارات المدح الترامبية ..
وما يسوقه ترامب لنفسه فى ثوبه الجديد مع ولايته الثانية أنه رجل المحبة والسلام يسعى لصناعة السلام وفرضة وترسيخه بين دول العالم أملا فى حصد جائزة نوبل للسلام
عجبا أشوف كلامك أصدقك .. أشوف أمورك أستعحب !
وحتى أن يستكمل ترامب خطة الخداع الاستراتيجى الأمريكى ضد روسيا :
– موحيا بأن أمريكا قد تخلت عن دعم أوكرانيا وما حدث من اسكيتش درامى ما بين ترامب وزلينيسكى من تبويخ وغيره فى حضرة البيت الأبيض
– مع إجباره لاوكرانيا على التوقيع لأمريكا على اتفاقية أستغلال المعادن التى تقدر بتريليونات الدولارات تعويضا لها عما دفعته من مساعدات عسكرية مقدمة إلى كييف منذ بدايه حربها ضد روسيا ..
والتى حان وقت استردادها
– وتسويق ترامب فى وسائل الاعلام أنه رغم عدم رضاه عن تصرفات بوتين العسكرية ضد كييف إلا أنه لا يريد فرض مزيد من العقوبات على روسيا رغبة منه فى إنجاح مباحثات السلام مابين موسكو و كييف حسب زعمه
– ووفقا للحالة المزاجية الترامبية فإن كل شىء يمكن انجازه بالحب والود والتفاهم وعلى موائد التفاوض ..
وأنه يقدر ذكاء الرئيس الروسى بوتين .. كل ذلك ضمن سيناريوهات خطة الخداع الاستراتيجى الأمريكى الأوروبى ضد روسيا ورئيسها بوتين
[ والذي لا ينطلى عليه معسول مثل هذا الكلام ]
– مع ايحاء [ ترامب ] إنه قد تخلى عن مساندة دول أوروبا .. وقيامه بزيادة الضرائب على صادرتهم إلى أمريكا بنسبة 50% ..
كل ذلك حتى تكتمل خطة الخداع الاستراتيجى فيما يقابلة من صراخ الأوروبيين المصطنع على سوء العلاقات فيما بينهم وبين أمريكا الشريك الرئيسى لهم والداعم لهم فى كافة مواقفهم
– ويعلن ترامب جهارا نهارا أنه على إستعداد للجلوس مع كل من بوتين ومهرج أوكرانيا المنتهية ولايته فى لقاء يجمع ثلاثتهم لتحقيق السلام المزعوم وفقا لما ينشدة ..
مع تحفظ روسيا لحين أن يتم الموافقة على شكل الصياغة النهائية على شروط هذا السلام من قبل الفنيين المتخصصين من قبل الجانبين بما يحقق مصالح روسيا العليا دون تهديد لأمنها القومى مع احتفاظها بما حققته على أرض الواقع من انتصارات لضمان تحقيق سلام مستدام
– وكان على الجانب الأخر يتم إعداد العدة بكل هدوء إلى أن تم تنفيذ خطة الخداع الاستراتيجى هذه بكل مهارة وحرفية
– واكتملت فصولها حين أن تم الهاء الجانب الروسى بالأمس القريب بتدمير جسرين داخل الأراضى الروسية أحدهما هدم فوق قطار وكان هناك أعداد من القتلى والمصابين نتيجة ذلك التدمير جراء عمل أرهابى مخبراتى متقن بكل حرفية
– وبعدها وتزامنا مع ذلك التوقيب قامت أوكرانيا بدعم لوجيستى مخابراتى فنى أمريكى وما توفرة الأقمار الصناعية الأمريكية لهم من أحداثيات من استهداف عدد من الطائرات الاستراتيجة الروسية وهى واقفة على أرض المطار فى عملية ناجحة خاطفة سوف تدرس فى المعاهد العسكرية أملا من أن يضعف ذلك الحدث
– من وجهة نظرهم – من هيبة ومن موقف روسيا التفاوضى مع أوكرانيا
– وخصوصا أن توقيت التنفيذ كان قبل يوم من الإستعداد لعقد جلسة التفاوض الثانية بين روسيا وأوكرانيا فى اسطانبول برعاية تركية ومباركة أمريكية
هذا المشهد يذكرنا حين أن دمرت اسرائيل كثير من الطائرات والمطارات المصرية فى عملية خاطفة فى حرب يونيو 1967
ويذكرنا كذلك بما قامت به مصر لاحقا بخطة الخداع الاستراتيجى بعد استيعابها درس نكسة 67 وتحقيق نصر أكتوبر المجيد 1973 على دولة الكيان
وعلى مصر الدولة فى ظل الظروف الأنية كما هو عهدها من :
– استيعاب الدرس تجنبا للخدع الترامبية
– سواء المباشرة منه
– أو غير المباشرة عبر الحلفاء أو الوسطاء
– مع رسمه لقلوب الود والمحبة ومسارات الإلهاء والتشتيت عما هو مستهدفه الحقيق
مع توقع الأسوأ حتى يمكن تجنبة قبل أن يحدث السىء من حيث لا يحتسب
والله خير حافظا
أ.د. محمد علاء الدين عبد القادر
عدد المشاهدات: 48