أبحاث فلكية جديدة تجزم أصل وجود الماء علي سطح الكرة الأرضية “تقرير مفصل”
د.علي سرحان العرب نيوز اللندية
أفاد باحثون أنهم اكتشفوا أدلة على أن الكرة الأرضية يتكوينها الأولى كانت موطنًا لكميةٍ من الهيدروجين تفوق ما كان يُعتقد سابقا، ما يُثير الشكوك حول المعتقدات السائدة بشأن أصول الماء وتطور كوكبنا حلّل علماء من جامعة أكسفورد البريطانية نوعًا نادرًا من النيازك يُعرف باسم ” كوندريت الإنستاتيت” (enstatite chondrite).
تتمثل فكرة فريق مختبر “ليزيا” في أن الأرض استمدّت بالفعل الماء من الكويكبات، لكنّ هذه الكويكبات لم تُحضرها إليها مباشرة.
يعود تاريخ هذه الصخرة الفضائية إلى حوالي 4.6 مليار سنة، ويُعتقد أنها تُشبه الأرض المبكرة من ناحية التركيب، وفقًا لدراسة نُشرت الأربعاء في مجلة ” Icarus”.
بخار الماء يعيش حياته كالماء
في هذا السيناريو، كانت الشمس قد تشكلت للتوّ، مما أدى إلى تسخين حزام الكويكبات، وبلغ هذا التسخين ذروته قبل نحو 25 مليون سنة. وأدى هذا التسخين “إلى تسامي جليد الماء”، أي إلى تحوّله من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازيّة، ومن ثم إلى تشكيل “قرص من بخار الماء على مستوى حزام الكويكبات”، على ما شرح كانتان كرال.
وجد الباحثون أنّ غالبية الهيدروجين الموجود داخل النيزك كان جوهريًا بالفعل، وليس نتيجةً للتلوث، ما يُشير إلى أنّ الأرض المبكرة كانت موطنًا لكميةٍ كافية من الهيدروجين بشكلٍ سمح بتكوين جزيئات الماء.
هذا الاكتشاف يُثير الشكوك عن الاعتقاد السائد بأنّ الهيدروجين وصل إلى الأرض عبر كويكبات ارتطمت بما كان في السابق كوكبًا جافًا وصخريًا غير قادرٍ على دعم الحياة.
سعى الباحثون منذ عقود إلى فك لغز نشأة المياه على كوكب الأرض، متتبعين أثر كل عنصر ومركّب قد يفسّر هذا الوجود الفريد.
وأوضح الباحث الرئيسي في الدراسة، وطالب الدكتوراه في قسم علوم الأرض بجامعة أكسفورد، توم باريت: “افترضنا أنّ الماء موجود على الكرة الأرضية اليوم بسبب سيناريو نادر تمثّل في اصطدام الكويكبات بها”.
وأضاف:
“لكن ما أثبتناه في هذه الدراسة مفاده أنّ المادة التي شكلت الأرض في البداية احتوت على الكثير من الهيدروجين والأكسجين بالفعل.. ويشير اكتشاف الهيدروجين في هذا النيزك إلى أنّ الأرض ربما كانت رطبة أو مبللة منذ تشكلها الأولي”.
سبق لفريقٍ من العلماء في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي أن حلل النيزك، المعروف باسم “LAR 12252″، والذي جُمع من أنتاركتيكا.
ووجدت دراسة من أغسطس/آب 2020 أنّ الـ”كوندرولات”، أي الأجسام الكروية الدقيقة للصخرة، والمواد العضوية الموجودة فيها، احتوت على آثار من الهيدروجين.
ومع ذلك لم يُغطِّ البحث سوى جزء من الهيدروجين الموجود داخل النيزك.
اعتقد الباحثون وراء الدراسة الجديدة أنّ كمية أكبر من الهيدروجين قد ترتبط بالكبريت داخل النيزك.
اكتشف الفريق، بشكلٍ غير متوقع، وجود كبريتيد الهيدروجين داخل المصفوفة الدقيقة المحيطة مباشرةً بـ”كوندرولات” بمعدلٍ أعلى “بعشر مرات تقريبًا” من كبريتيد الهيدروجين الموجود في الأجسام الكروية.
وأكّد باريت: “يقدم هذا البحث دليلاً مهمًا يدعم نظرية أنّ الماء على الأرض تشكّل كنتيجة طبيعية لتكوين كوكبنا”.
يخطط باريت لاحقًا لتحليل المزيد من النيازك في محاولةٍ لتحديد كمية الهيدروجين التي كانت موجودة على الأرض بدقة، وكمية الهيدروجين التي ربما وصلت إليه من مصادر خارجية.
يُعدّ تحديد كيفية وصول الأرض لشكلها الحالي سؤالاً جوهرياً لعلماء الكواكب، كما صرّح جيمس برايسون وهو المؤلف المشارك في الدراسة والأستاذ المشارك في قسم علوم الأرض بجامعة أكسفورد.
وشرح برايسون قائلًا: “يدعم هذا الاكتشاف فكرة أن تشكّل الماء على كوكب الأرض كان عملية طبيعية، وليس مجرد صدفة نتجت عن سقوط كويكبات غنية بالماء على كوكبنا بعد تكوّنه”.
وأفاد عالم الكواكب في “إمبريال كوليدج لندن” الذي لم يشارك في الدراسة، مات جينجي، بأنّ الدراسة تُظهِر “نتيجة مثيرة للاهتمام”، ولكن الأدلة غير كافية لدحض النظرية الراسخة حول أصول الماء.
من المرجح أنّ النيزك المعني تواجد في أنتاركتيكا منذ مئات الآلاف من السنين، ومن المستحيل استبعاد احتمالية تكوّن الهيدروجين خلال تلك الفترة بشكلٍ كامل.
وأكّد جينجي: “مجرد وجود هذا الاحتمال يُضعف من مصداقية الحجة”.
عدد المشاهدات: 3